عقد منتدى البركة للاقتصاد الإسلامي، بشراكة استراتيجية مع بنك نزوى، وبالتعاون مع الغرفة الإسلامية للتجارة والتنمية، الحلقة الرابعة من البرنامج الحواري الافتراضي المباشر “الاقتصاد الإسلامي حول العالم” يوم 29 ديسمبر 2024، والتي تناولت واقع الاقتصاد الإسلامي في السلطنة، وشارك بها مجموعة من الخبراء والمهنيين البارزين في الاقتصاد والمصرفية الإسلامية في السلطنة.
افتتح الشيخ مصطفى بن ناصر الناعبي، نائب مدير التدريب الشرعي في بنك نزوى، الحلقة، ليوجه عناية المشاهدين إلى مقطع مرئي استعرض تطور الاقتصاد الإسلامي في السلطنة منذ انطلاقه بصدور المرسوم السلطاني 69/2012، الذي سمح للبنوك الإسلامية بالعمل، مُمهدًا الطريق لنمو صناعة المصرفية الإسلامية، لتصبح خيارًا رئيسيًا يدعم النمو الاقتصادي في عُمان، بقيادة بنك نزوى كأول بنك إسلامي متكامل في السلطنة.
وأكد الفاضل خالد الكايد، الرئيس التنفيذي لبنك نزوى، على جاذبية المصرفية الإسلامية، موضحًا أنها حققت نموًا ملحوظًا خلال السنوات الماضية بفضل مرونتها حتى في مواجهة جائحة كورونا، ووفقًا لآخر إحصاءات البنك المركزي العماني، بلغت الحصة السوقية للبنوك والنوافذ الإسلامية 18% من إجمالي الأصول، و21% من إجمالي التمويلات والودائع. وأشار الكايد إلى أهمية التحول الرقمي في تعزيز هذه الصناعة، واعتبره فرصة للتوسع والمنافسة مع البنوك الأقدم.
وشدد الفاضل الدكتور علي بن سليمان بن محمد الجهضمي، عضو هيئة الرقابة الشرعية ببنك نزوى، باحث فتوى بمكتب المفتي العام بسلطنة عمان، ومحاضر زائر بكلية العلوم الشرعية، على أهمية الالتزام الشرعي كأهم ما تمتلكه المصارف الإسلامية. وبيّن أن الصيرفة التقليدية تعتمد على تسليع النقد، بينما تركز الصيرفة الإسلامية على تفعيل النقد في الاقتصاد الحقيقي. ومع ذلك، أشار إلى ضرورة مواجهة التحديات المتعلقة بتبني النماذج المستوردة دون مراعاة المبادئ الإسلامية، مؤكدًا على دور الهندسة المالية الإسلامية في التغلب على هذه العقبات.
وتحدث الفاضل الدكتور أحمد بن علي الكعبي، مدير عام الأوقاف والأموال وإعمار المساجد ومدارس القرآن، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية ، عن تطور منظومة الوقف، مشيرًا إلى أنها أصبحت رافدًا اقتصاديًا مهمًا في السلطنة والعالم الإسلامي. ولفت إلى امتلاك الأوقاف لشركات، بل وحتى قمر صناعي في المدار المنخفض، مما يعكس التزام الوزارة بتحقيق الاستدامة والحفاظ على الأصول الوقفية وفقًا للشريعة الإسلامية.
كما سلط الفاضل بدر بن حمود الهنائي، الرئيس التنفيذي للعمليات في بورصة مسقط، الضوء على أهمية المؤشر الشرعي، الذي تم إطلاقه في 2013 بعد الترخيص للمصارف الإسلامية وشركات التأمين التكافلي. وأوضح أن المؤشر يعتمد معايير الأيوفي، مع مراجعات ربع سنوية لضمان توافق الشركات المدرجة، والحفاظ على استقرارية المؤشر وبالتالي تمكين مدراء الأصول ومدراء المحافظ من استهداف عينة المؤشر.
وناقش الفاضل الدكتور أحمد كشوب، دكتوراه في التخطيط المالي والاقتصاد، رئيس قطاع الاستثمار للأسواق المالية – الشركة العمانية لتنمية الاستثمارات الوطنية ش.م.ع.م – تنمية، دور الاستثمار كأداة شرعية تدعم الاستقرار المالي. وأوضح أن الأدوات الإسلامية أثبتت استقرارها منذ أزمة الكساد الكبير عام 1929، بفضل منظومة الرقابة الشرعية والحوكمة والشفافية. وبيّن أن صناديق الاستثمار المتوافقة مع الشريعة في عُمان تتطلع إلى أسواق واعدة، مثل السوق السعودي والإماراتي والقطري.
أكد المتحدثون في ختام الحلقة على أن الاقتصاد والمالية الإسلامية يسيران بتناغم كامل مع رؤية عمان 2040، حيث يعكسان التزامًا واضحًا بتحقيق أهداف التنمية المستدامة عبر تعزيز الابتكار والاستدامة في مختلف القطاعات الاقتصادية. وشددوا على أن هذا التناغم لا يقتصر فقط على دعم التنوع الاقتصادي داخل السلطنة، بل يمتد إلى تعزيز مكانة عمان كبيئة استثمارية جاذبة على الصعيدين الإقليمي والدولي، مما يعكس قدرتها على استقطاب رؤوس الأموال التي تبحث عن فرص متوافقة مع الشريعة الإسلامية وقيمها الراسخة.
وتطرقت الحلقة إلى قدرة البنوك الإسلامية على تخطي الأزمات العالمية مثل كورونا، استثمار أموال الأوقاف بشكل مبتكر، صناديق الاستثمار الإسلامية المستدامة التي تتماشى مع المبادئ البيئية والاجتماعية، كما ناقشت أهمية مؤشر الشريعة في بورصة مسقط في تعزيز الاستثمارات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية وجذب المستثمرين، وكذلك دور المصرفية الإسلامية كبديل فعال للنظم التقليدية، مع خصائص متطورة تساهم في تعزيز الاستقرار المالي.
مثّلت الحلقة فرصة مميزة لتعزيز دور الاقتصاد الإسلامي في تشكيل مستقبل أكثر استدامة وازدهارًا لعُمان والعالم أجمع.
Comments are disabled.