حول الكتاب
تدور فكرة هذا البحث حول ارتباط الدعاء بالاقتصاد الإسلامي، من خلال رصد آثار هذا الدعاء على محور النشاط الاقتصادي، ورشد القرار، وإدارة المخاطر، وقد توصَّل المصنف إلى إثبات فكرته بتقسيم البحث إلى مقدمة مهد فيها للموضوع ثم ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: التعريف بالدعاء ومكانته في الإسلام
وقد تناول في هذا المبحث مفهوم الدعاء، ومكانته في الإسلام، وآدابه، وقواعده العامة، ثم تعرض لإشكالية علاقة القدر بالدعاء وعرض للآراء الثلاثة المعروفة بين قائل بالتأثير في القدر، ومانع له، ومتوسط في بيان أثره فيما وافق القدر، ونوَّه بأن موافقة القدر للدعاء تحصل من خلال الاهتداء للأسباب الحقيقية التي جرت سنة الله بحصول الرغائب معها، ومن خلال الاهتداء إلى أسباب جديدة توسِّع الرزق، وإن كان قريبا سيقرر أدوارا أخرى للدعاء.
المبحث الثاني: التفسير الاقتصادي للدعاء
وتناول فيه المصنف في ست نقاط المعنى الاقتصادي للدعاء: كما في المحور الأول مبينا أن المعنى الاقتصادي هو طلب زيادة المال بزيادة الكم أو الكيف “البركة”، أو بالوقاية من المصائب والآفات، ثم عرض في المحور الثاني لأهمية اقتران الشروط المادية بالشروط الإيمانية، وأثر ذلك في تحقيق الحياة الطيبة، معربًا عن فشل النظم الغربية في تحقيق الحياة الطيبة والرخاء النفسي وإن كانت قد حققت طفرة في مجال النمو والربح والإنتاج، ثم تناول في المحور الثالث دور الدعاء في ترشيد القرارات الاقتصادية من خلال طلب الهداية إلى القرارات السليمة، أما المحور الرابع فقد عرض فيه لعلاقة الدعاء بالدورات الاقتصادية التي تحدث بفعل العوامل الخارجية، فالدعاء يدعو إلى الشكر فترات الرخاء كما يدعو إلى الصبر فترات الكساد، أما عن علاقة الدعاء بإدارة المخاطر فالدعاء وقاية منها قبل وقوعها، وسؤال من الله تخفيفها أو تداركها بعد وقوعها، ويختم المؤلف هذا المبحث بعلاقة الدعاء بالرشاد الاقتصادي الذي يختل كثيرا بالممارسات غير الأخلاقية، فيبين المؤلف أن الدعاء يستلزم الأخلاق الفاضلة، ويدعو صاحبه إلى البعد عن رذائل الممارسات؛ كالرشوة والسرقة وغيرها، إذ من شروط استجابة الدعاء طيب المطعم ونزاهة اليد.
المبحث الثالث: نماذج من الأدعية الاقتصادية في الكتاب والسنة
ويعرض فيه لكثير من الأدعية الاقتصادية في الكتاب والسنة، وجدير بالذكر أن المؤلف ينوِّه بامتلاء القرآن الكريم بالآيات القرآنية التي موضوعها الاقتصاد، فيقرر أن به 4000 آية نظَّمت جوانب مختلفة من الاقتصاد وأنشطة التجارة.
ومن نماذج الدعاء الاقتصادي في القرآن الكريم قوله تعالى ﴿وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ﴾ [الأعراف: 156] ومن نماذج الدعاء الاقتصادي في السنة “اللهم (اغفر لي وارحمني) وعافني وارزقني وجمع أصابعه الأربع (إلا) الإبهام فإن هؤلاء يجمعن لك دينك ودنياك”.
وانتهى الكتاب بخاتمة عامة لم يعرض فيها المؤلف لنتائج ولا توصيات، لكن الكتاب قد حفل في مواطن مختلفة بعدة نتائج في شكل ملاحظات أو استخلاصات منها: أن من مظاهر العناية بالأخذ بالأسباب أنه سبحانه قدم الشروط المادية على الشروط الإيمانية، وذلك في قوله تعالى ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النحل: 97] (ص: 25)، وأن الشروط الإيمانية والشروط المادية مطلوبان معا إسلاميا لتحقيق الرخاء ورغد العيش (ص: 31).