بحضور نخبة من المختصين والخبراء، انعقدت فعاليات منتدى البركة ضمن أسبوع الرياض لتسوية المنازعات، يوم 27 فبراير ٢٠٢٥م بفندق هيلتون الرياض – غرناطة، قاعة نيوم، المملكة العربية السعودية، فعاليات المنتدى أتت بالشراكة مع المركز السعودي للتحكيم التجاري، وبالتعاون مع الشريك المُنظم مركز التحكيم لمنظمة التعاون الإسلامي (OIC-AC).

الجلسة الأولى

تحت عنوان “وسائل التحكيم والوساطة وفض المنازعات في مؤسسات الاقتصاد غير الربحي: نحو تحسين أطر الوسائل البديلة لتسوية المنازعات في حوكمة الزكاة والوقف“، وبمشاركة نخبة من أبرز الخبراء، انطلقت الجلسة الأولى من فعاليات منتدى البركة للاقتصاد الإسلامي في أسبوع الرياض الدولي لتسوية المنازعات.
أدار سعادة الدكتور/ وليد حجازي، المؤسس والشريك الإداري لشركة حجازي وشركاه، الجلسة الأولى، حيث استعرض نبذة عن الموضوع من خلال تعريف الزكاة والوقف وطرقهم المحددة في التعامل مع حل المنازعات، كما أوضح ضرورة تسوية نزاعات الزكاة والوقف في وقت سريع وبتكلفة زهيدة قدر الإمكان لمنع إهدار المزيد من الأصول.
كما أشار إلى وجود بعض التحديات في السوق، مثل القضايا المتكررة، والتوزيع العادل، والشفافية. مضيفًا أن إدارة الزكاة قد تكون واضحة ومباشرة في البلدان ذات الأغلبية المسلمة التي لديها أنظمة زكاة معتمدة بينما في البلدان ذات الأغلبية غير المسلمة، توجد تحديات تعوق الأمر. كما أوضح أن إدارة الزكاة تتضمن الإشراف والرقابة على تحصيل أموال الزكاة وتوزيعها على المستفيدين.
و تناول سعادة الأستاذ/ أحمر بلال صوفي، محامي لدى المحكمة العليا في باكستان، شريك إداري أول في الشركة ورئيس قسم تسوية المنازعات في شركة إيه بي إس وشركاه، إسلام أباد، باكستان، الأوضاع القانونية للوساطة في منازعات الوقف والزكاة، وسلط الضوء على الحلول البديلة لتسوية المنازعات مثل الوساطة والتحكيم كما ذكر قضايا الوقف الرئيسية في العالم الإسلامي، موضحًا أن في تركيا قضت المحكمة بعدم تدخل الحكومة بشكل مفرط في استقلالية سلطات الوقف، بينما في مصر منعت المحكمة بيع أراضي الوقف لغرض لا يتجاوز نية المانح(2010).
وأكد سعادة القاضي/ محمد شمروخ، رئيس محكمة الاستئناف بمحكمة القاهرة الاقتصادية، المشرف على برنامج التقاضي الإلكتروني للمحاكم الاقتصادية، أن الوسائل البديلة لحل النزاعات عبر الإنترنت أثبتت فعاليتها في المحكمة الاقتصادية. وأوضح أن الوساطة والتقاضي عن بُعد يساهمان في خفض التكاليف وتسريع الإجراءات، مما يجعلها حلاً مناسبًا للمجالات التجارية والمالية، حيث ترتبط كفاءة العملية بسرعة التنفيذ وانخفاض التكاليف. مشيرًا إلى أن المحكمة الاقتصادية بالقاهرة شهدت تطورًا كبيرًا مع إدخال نظام التقاضي الإلكتروني، وأوضح أنه بينما كانت القضايا تستغرق في السابق عامًا ونصفًا، أصبح الحد الأقصى لإنجازها الآن لا يتجاوز ستة أشهر بجميع درجات التقاضي. كما أكد أن تسوية النزاعات من خلال الوساطة الإلكترونية قد تكون الحل الأمثل لقضايا الأوقاف، نظرًا لتوزع أصولها على نطاق واسع.
وشدد سعادة الدكتور/عمر أوسيني، الأمين العام، مركز التحكيم لمنظمة التعاون الإسلامي( (OIC-ACعلى أهمية تقديم نموذج SPEDR (التسوية السريعة المتخصصة للنزاعات) تحت مظلة لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي، كخطوة جوهرية نحو تعزيز كفاءة التحكيم والوساطة وتسريع الإجراءات. ونظرًا لأهمية السرعة وسهولة الوصول في تسوية النزاعات، يمكن لهذا النموذج أن يكون ذا فائدة خاصة للمؤسسات الاقتصادية الإسلامية التي تحتاج إلى حلول سريعة للحفاظ على استقرارها التشغيلي وتعزيز الثقة. ومن بين المحاور الرئيسية المطروحة، مسألة التوازن بين الامتثال لأحكام الشريعة الإسلامية والقابلية القانونية للإنفاذ. وبالنسبة للكيانات الوقفية، يظل تحديد الجهة التي تتحمل تكاليف التحكيم أمرًا بالغ الأهمية، حيث يبرز التساؤل حول التمييز بين إهمال الناظر وتحمّل الوقف نفسه لهذه التكاليف.

الجلسة الثانية

تحت عنوان “وسائل التحكيم وفض المنازعات في المصارف الإسلامية: التوجهات الحالية والنظرة المستقبلية“، وبمشاركة نخبة من المُختصين، انطلقت الجلسة الثانية من فعاليات منتدى البركة للاقتصاد الإسلامي في أسبوع الرياض الدولي لتسوية المنازعات.
أدار سعادة الأستاذ/ سعد منصور المنصور ، شريك إداري في مكتب سهم للمحاماة والاستشارات القانونية، محكم في المركز السعودي للتحكيم التجاري، الجلسة الثانية، مظهرًا مهارات استثنائية في إدارة الحوار، حيث قدم الضيوف بتميز وأدار النقاش معهم ببراعة، مما أضفى على الجلسة طابعًا ثريًا ومثمرًا.
وتناول سعادة الدكتور/ فيصل الشمري، شريك مؤسس، مكتب فيصل صالح الشمري للمحاماة والاستشارات القانونية، موضوع “أهمية التحكيم للمؤسسات المالية الإسلامية: التوجهات الحالية والآفاق المستقبلية”، مشيرًا إلى دوره في التوفيق بين مبادئ الشريعة الإسلامية والممارسات الحديثة، وتنفيذ بنود التحكيم في العقود المالية الإسلامية. وأوضح أن التحكيم يمنح مرونة في التعامل مع التطبيقات الفنية للمالية الإسلامية دون التقيد بالسوابق القضائية، كما يضمن توافق القرارات مع أحكام الشريعة لصدورها عن متخصصين شرعيًا وفنيًا، خاصة في ظل عدم قدرة المحاكم الأجنبية على الفصل في هذه القضايا. كما استعرض أطر التحكيم الدولية، مسلطًا الضوء على اتفاقية نيويورك (1958م) التي تضمن الاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وتنفيذها.
وصرّح سعادة الأستاذ/ أنطونيو فينال مينينديز بونتي، شريك في شركة المحاماة الإسبانية (إيه في سي ليغال) ورئيس مكتبها في لشبونة، محكّم في مجلس التحكيم التابع لغرفة التجارة الإسبانية البرتغالية، بأن مواءمة التحكيم مع مقاصد الشريعة أمرٌ جوهري لضمان العدالة والشفافية. وأكد على أهمية اتخاذ تدابير استباقية لمنع النزاعات في المالية الإسلامية، مشيرًا إلى تأثير تحديات إنفاذ الأحكام عبر الحدود والاستثناءات المتعلقة بالنظام العام على قرارات التحكيم. كم أكد على أن التحكيم في المالية الإسلامية يجب ألا يقتصر على مجرد تحقيق الامتثال الشكلي. مشيرًا إلى ضرورة اتباع نهج شامل يضمن العدالة والشفافية والتوافق مع مقاصد الشريعة. كما نوه إلى أهمية إتاحة الفرصة للأطراف لاختيار المدارس الفقهية الإسلامية المناسبة لهم، بما يضمن المرونة مع الحفاظ على اليقين القانوني في تسوية النزاعات.
و تناولت سعادة الدكتورة/ آمال مخلوف، محامية في نقابة المحامين في باريس ، عضو لجنة الإدارة، مركز التحكيم وتسوية المنازعات لكلية الدراسات الشرقية والأفريقية (إس أو إيه إس)، مركز القانون الإسلامي والشرق أوسطي لكلية الدراسات الشرقية والأفريقية (إس أو إيه إس)، جامعة لندن، موضوع تطور التكنولوجيا المالية الإسلامية في منطقة MESEA: إطلاق العنان للتحكيم في المنازعات الرقمية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية”، حيث تحدثت عن ثورة التكنولوجيا المالية في التمويل الإسلامي من شمال أفريقيا إلى آسيا، موضحة عملية الدمج بين التمويل والتكنولوجيا، وكيف توسعت لتنضم إلى اتجاهات الولايات القضائية ذات الأغلبية المسلمة، وسلطت الضوء على المشهد العالمي للتكنولوجيا المالية في التمويل الإسلامي، بما في ذلك المدفوعات الرقمية، والاستثمارات، والتمويل الجماعي، والمدخرات الرقمية.
وفي حديثه أكد سعادة الأستاذ/ علي إسماعيل الزرعوني، المؤسس والشريك الإداري، مكتب آفاق وشركاه للمحاماة والاستشارات القانونية، على ضرورة دمج التكنولوجيا الحديثة في التحكيم بما يتجاوز التطبيقات الأساسية مثل المدفوعات الإلكترونية والجلسات الافتراضية. وشدد على أن التقدم التكنولوجي الحقيقي يتطلب تبني الملفات الإلكترونية، وإدارة القضايا الرقمية، والإجراءات المميكنة لتعزيز الكفاءة وسهولة الوصول. وأشار إلى أنه في الوقت الذي تتسارع فيه مراكز التحكيم العالمية في تحديث عملياتها، يجب على مراكز التحكيم الإسلامي تسريع تبني هذه التقنيات لضمان قدرتها على المنافسة والفعالية.

Comments are disabled.