أطلق منتدى البركة للاقتصاد الإسلامي القمة العالمية الثانية تحت عنوان “الاقتصاد الإسلامي في الممكلة المتحدة: الواقع والفرص” خلال يومي 28 و29 أكتوبر 2023، بهدف إحياء فهم الاقتصاد الإسلامي الذي بدأ في المملكة المتحدة ومواصلة النمو سعيًا لتعزيز وصول الاقتصاد الإسلامي إلى الحكومات والمؤسسات المختلفة، إلى جانب تسليط الضوء على نمو وتطور قطاعي البنوك والاستثمار الإسلامي في المملكة المتحدة ومنها إلى دول أوروبا والعالم.
جمعت قمة البركة الثانية المهتمين بالاقتصاد الإسلامي، في مختلف القطاعات من مُمثلي الحكومات وصناع السياسات والمهنيين والأكاديميين والمستثمرين ورجال الأعمال وأبرز الخبراء ذوي العقول الاقتصادية اللامعة، وممثلي عن كبرى المؤسسات المالية المعنيين بالاقتصاد عمومًا والاقتصاد الإسلامي خصوصًا.
سلط سعادة الأستاذ يوسف خلاوي الأمين العام لمنتدى البركة للاقتصاد الإسلامي خلال كلمته الافتتاحية الضوء على الدور العظيم الذل لعبه المرحوم الشيخ صالح عبدالله كامل – مؤسس منتدى البركة، رائد الاقتصاد الإسلامي في إنشاء منصة عالمية فارقة للاقتصاد والتمويل الإسلامي، وهو ما يرسخ من حضور دور المنتدى الرائد والذي يُعد منارة معرفية معنية بالمالية الإسلامية في شتى أنحاء العالم، مؤكدًا على دور منتدى البركة في الربط بين الكيانات الدولية الاقتصادية والمتخصصين من الأكاديميين والمهنيين والباحثين، مما يدعم تطبيق أسس الاقتصاد والمالية الإسلامية.
وأضاف سعادة الأمين العام لمنتدى البركة أن مهمة الأشخاص العاملين في الاقتصاد الإسلامي هي تطوير الأعمال التجارية باستمرار من أجل تكوين الرفاهية والعدالة الإجتماعية وخدمة البشرية، مُشيدًا برؤية الاقتصاد الإسلامي لخلق المزيد من المساواة المجتمعية ونوعية حياة أفضل، وأنهى سعادة الأمين العام كلمته داعيًا جميع الحضور إلى ندوة البركة الرابعة والأربعين في عام 2024، بالمدينة المنورة – السعودية.
تناوبت الكلمات الافتتاحية لضيوف القمة اتباعًا، خلال حفل الافتتاح الذي قدمه الأستاذ فراز خان – الرئيس التنفيذي وشريك في شركة سبيكترإيكو، ومؤسس شركة سيد فينشرز لندن، وقد تحدثت سعادة الأستاذة ناز شاه – عضو البرلمان البريطاني عن منطقة برادفورد الغربية، ورئيس مجموعة العمل البرلمانية الخاصة بالبنوك والتمويل الإسلامي، عن دور السلطات التشريعية والهيئات التنظيمية في تحسين الاقتصاد الإسلامي في المملكة المتحدة خلال كلمتها الإفتتاحية.

وصرحت سعادة عضو البرلمان أن هناك 85٪ من إجمالي الخدمات المصرفية الإسلامية الأوروبية في المملكة المتحدة، وفي عام 2014 أصبحت المملكة المتحدة أول دولة غربية تصدر الصكوك، وأضافت أيضًا أن هناك ما يقرب من 4 ملايين مسلم بريطاني في المملكة المتحدة، ولا يوجد سبب يمنع المملكة المتحدة من الاستمرار في أن تكون رائدة عالميًا في التمويل الإسلامي بالتأكيد في أوروبا الغربية.
وجاءت الكلمة الافتتاحية لسعادة الدكتور بيلو لوال دانباتا – الأمين العام لمجلس الخدمات المالية الإسلامية (IFSB)، موضًحا نمو صناعة التكافل والتأمين الإسلامي في المملكة المتحدة ودورها في نمو المجتمع والحفاظ على رخاء أفراده، موضح أهمية زيادة الوعي وزيادة الاتصال الرقمي في نمو الاقتصاد الإسلامي حول العالم.
خلال الكلمة الافتتاحية الرئيسية لسعادة الأستاذ نجم الدين بلال أردوغان – رئيس مؤسسة إليم يايما إسطنبول، أشار إلى الأثر المُهم الذي يوقعه منتدى البركة بفعالياته ومساراته المختلفة مما يؤثر بشكل إيجابي على التوعية بمنهجيات الاقتصاد الإسلامي ونشرها على العالم كله، مؤكدًا أن نهج وتطبيقات الاقتصاد الإسلامي غير مقتصرة على الدول ذات الأغلبية المسلمة فقط، بل المساهمة في خلق عالم أكثر استدامةً وتطورًا ومرونةً، مؤكدًا أن التمويل الإسلامي هو أحد أسرع القطاعات نموًا في النظام المالي العالمي، مثل قطاع الحلال، الذي تجاوزت إيراداته 2 تريليون دولار.
وبعد انتهاء حفل الافتتاح قدمت الأستاذة إيمب هاشمي – الصحفية والمذيعة، ومقدمة البرامج في هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) جلسات القمة تباعًا، بدايةً من الأستاذ بشار الناطور – الرئيس العالمي لإدارة التمويل الإسلامي والمدير العام لشركة فيتش للتصنيفات، وعرضه عن الاقتصاد الإسلامي في المملكة المتحدة.
وناقش الأستاذ بشار الناطور خلال عرض عن الاقتصاد الإسلامي في المملكة المتحدة، الدور الريادي الذي تلعبة المملكة المتحدة في التوعية للعالم الغربي وأهم الفرص المتاحة في الصناعة، بجانب عرض مجموعة من التحديات التي تواجهها في المملكة، موضحًا ديناميكيات العرض والطلب التي تشكل مشهد التمويل الإسلامي، مع ذكر فئات العملاء المتنوعة التي تنخرط في عالم التمويل الإسلامي.
وانعقدت القمة الثانية في المملكة المتحدة في فندق (JW Marriott Grosvenor House London) بالعاصمة البريطانية – لندن ، وأبرزت دور الحكومة والمؤسسات البحثية والفكرية والمعرفية في مجال الاقتصاد الإسلامي ؛ حيث تباحث رواد الاقتصاد والمالية الإسلامية وصناعة التمويل خلال اليوم الأول حول خمسة محاور فكرية أساسية عبر جلسات نقاشية.

جاءت أولى جلسات القمة تحت عنوان (ظهور الصيرفة والمالية الإسلامية: المشاركة الرسمية للحكومة)، وتناقش فيها كلٍ من رئيس الجلسة، الدكتور جوناثان إركانبراك – رئيس مركز القانون الإسلامي والشرق الأوسط (CIMEL)، كبير المحاضرين في القانون المالي العابر للحدود بجامعة إس أو إيه إس (SOAS) بلندن، والبروفيسور محمد عبد الحق – مدير مركز التمويل الإسلامي في جامعة بولتون، عضو سابق في فريق العمل الخاص بالتمويل الإسلامي في وزارة الخزانة البريطانية، والدكتور إمير كامدزيك، مُحاضر في التأمين الإسلامي وإدارة المخاطر بجامعة بولتون، حول الإطار القانوني للخدمات المالية الإسلامية: التغييرات التنظيمي، المشاركة الرسمية في الاقتصاد الإسلامي: اعتماد المستجدات العصرية في الخدمات المالية الإسلامية.
تناولت الجلسة الثانية للقمة موضوع: إرث الاقتصاد الإسلامي: من المملكة المتحدة إلى العالم، أسس الاقتصاد الإسلامي في المعرفة، ترأس الجلسة الدكتور ماجد ممدوح كامل – الأمين العام لمركز التحكيم لفض المنازعات بمنظمة التعاون الإسلامي، بوجود كل من البروفيسور الدكتور محمد أصوتاي – أستاذ الاقتصاد السياسي والمالية الإسلامية والشرق الأوسطية، مدير برنامج الماجستير في المالية الإسلامية في جامعة درم (Durham)- المملكة المتحدة، و البروفيسور إم. كبير حسن، أستاذ المالية في قسم الاقتصاد والمالية بجامعة نيوأورليانز – الولايات المتحدة الأمريكية. وجاء المتحدثان على ذكر دور الآباء المؤسسون لعلم الاقتصاد الإسلامي الحديث، التوسع العالمي للتعليم في الاقتصاد والمالية الإسلامية: من الشرق إلى الغرب.
بينما أثارت الجلسة الثالثة للقمة موضوع: حلول الاستثمار الإسلامي: من التأثير والقنوات إلى الأسواق العالمية من خلال مناقشات رئيس الجلسة الدكتور سفيان قاسم – المدير العالمي لاختصاصيي الاستثمار في صناديق البورصة المتداولة والمؤشرات في شركة إتش إس بي سي (HSBC) لإدارة الأصول العالمية (المملكة المتحدة) المحدودة، مع الأستاذ عدنان حلاوي – كبير المديرين في إدارة المقترحات في مجال التمويل الإسلامي، بمجموعة بورصة لندن، والأستاذ خالد هولادار – رئيس إدارة التمويل اللامركزي المؤسسي في شركة إم آر إتش بي (MRHB)، حلول الاستثمار الإسلامي (الصناديق، الصكوك، والأسهم): نحو استثمار مستدام ومتوافق مع الشريعة، اللامركزية الإسلامية للتمويل: نحو الشمول المالي واستخدام التكنولوجيا لتوفير حلاً أخلاقياً متوافقاً مع أحكام الشريعة.
وسلطت الجلسة الرابعة الضوء على دور الصيرفة الإسلامية نحو الاستدامة والوفاء بالمسؤولية المجتمعية، والذي تباحث فيه رئيس الجلسة السيد ريتشارد ج. توماس أوبي – مدير عام شركة الاقتصاد المستدام المحدودة ، والدكتور أرشدور الرحمن – كبير المديرين في بنك إنجلترا مع الدكتور عثمان شودري -الرئيس التنفيذي لإدارة المخاطر والمدير التنفيذي، بنك جيتهاوس – المملكة المتحدة، و الأستاذ أريب صديقي، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة كيسترل (Kestrl) عضو في فريق عمل التمويل الإسلامي عن الصيرفة الإسلامية الأخلاقية والمستدامة في المملكة المتحدة وأوروبا وخارجها والحاجة إلى تطوير الخدمات المصرفية الأخلاقية والمسؤولة، ودور البنوك الرقمية والتكنولوجيا المالية الإسلامية ورواد الأعمال في القطاع المالي بالمملكة.
واختُتمت جلسات اليوم الأول للقمة بالمحور الخامس الذي تناول موضوع: (المنظمات الإسلامية غير الربحية في المملكة المتحدة: التعاونيات والتطبيقات الاجتماعية والاقتصادية)؛ حيث ترأس الجلسة البروفيسور حبيب أحمد، عضو مجلس االشريعة الإسلامية والمالية جامعة درم (Durham) – المملكة المتحدة، مناقشًا كل من الدكتور سهيل حنيف – الرئيس التنفيذي لمؤسسة الزكاة الوطنية، و الأستاذ هارون عطاء الله – رئيس صندوق الوقف الدولي، عن تجربتي الزكاة والوقف من حيث الوعي الإجتماعي بهما والإطار القانوني للعمل بهما في المملكة المتحدة.
وفي نهاية مجريات اليوم الأول للقمة صرحت الأستاذة عالية جعفر – مديرة إدارة العلاقات الدولية في الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة والزراعة، في حديثها الختامي “نحن متحمسون لأن نكون جزءًا من هذا البرنامج المهم المصمم لمشاركة الأفكار الرائدة والحلول المتطورة التي تشكل مستقبل صناعة الاقتصاد الإسلامي”مع الإشارة إلى المستقبل الواعد الذي ينتظره الاقتصاد الإسلامي والمالية الإسلامية في العالم، مُعلنة عن القمة الثالثة في لندن في أكتوبر 2024 بعنوان ” الآفاق العالمية للاقتصاد الإسلامي: الطريق إلى اقتصاد عالمي مستدام وأخلاقي ومبتكر”.
وخلال فعاليات اليوم الثاني أقامت قمة البركة الثانية في لندن ورشة عمل مهنية بالتعاون مع مجلس الخدمات المالية الإسلامية (IFSB)، تحت عنوان ” البرنامج التنفيذي للتنظيم والإشراف الفعال لمؤسسات التكافل “، حيث افتتح ورشة العمل الأستاذ/ فيصل كرباني – المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة سيمبولي إيثكال (Simply Ethical)، استعرض سعادة الدكتور بيلو لوال دانباتا، الأمين العام لمجلس الخدمات المالية الإسلامية (IFSB)، مفهوم التكافل بشكل عام، مُشيرًا إلى أطره المعاصرة ومبادئه الأساسية، مثل: الدعم المتبادل، والتبرع، وتجنب الاستثمارات المحظورة ،كما تحدث الأستاذ بيتر كيسي، المستشار في مجلس الخدمات المالية الإسلامية (IFSB) عن فهم صناعة التكافل وهياكلها الحديثة، موضحًا مبادئ التكافل والاعتراضات الإسلامية على التأمين التقليدي، وجاء على ذكر هياكل التكافل الحديثة، وسوق التكافل العالمي، بالإضافة إلى الحوكمة، بما في ذلك الحوكمة الشرعية والمسؤوليات الائتمانية تجاه المساهمين، كفاية رأس المال، بما في ذلك إصدارات القرض، وفصل الأموال، والتوزيعات من أموال حاملي وثائق التأمين وفرص التكافل في المستقبل.
الجدير بالذكر أن كلاً من مجموعة البركة، والغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة والزراعة هما الشريك الاستراتيجي لقمة البركة الثانية في لندن، بينما كان مركز التحكيم لفض المنازعات بمنظمة التعاون الإسلامي الشريك الماسي للقمة، وقد تم تكريمهم من قبل سعادة الأمين العام الأستاذ يوسف خلاوي وذلك تقديرًا لجهودهم، سعيًا لتحقيق الأهداف المشتركة في تحفيز الاستثمار في الاقتصاد الإسلامي بشكل أكبر مما هو عليه حاليًا، و إرساء ثقافة المشاريع المعرفية لبناء الاقتصاديات المحلية بما يتوافق مع الواقع ويطور ويدعم المجتمعات الإسلامية في العالم الإسلامي وغير الإسلامي.

هذا وتجدر الإشارة إلى أن المملكة المتحدة تُعد مركز المالية الإسلامية في العالم الغربي، حيث كشفت قاعدة بيانات صالح كامل أنها تمتلك عدد 5 بنوك إسلامية والتي تُقدر بحوالي 30% من إجمالي البنوك الإسلامية في قارة أوروبا، أما بالنسبة للنوافذ الإسلامية في المصارف التقليدية فتُقدر بحوالي 50% من إجمالي النوافذ الإسلامية في القارة، وبالنسبة لشركات تكنولوجيا المالية الإسلامية، فتنفرد المملكة المتحدة بنسبة 65% من إجمالي أوروبا، و11% من إجمالي الشركات في العالم بعدد 53 شركة تتنوع ما بين شركات التداول والاستثمار، التمويل البديل، البنوك الرقمية، والتمويل الإجتماعي…إلخ.

Comments are disabled.