التمويل الاجتماعي في الاقتصاد الإسلامي مجالاته صيغه تحدياته

بقلم الدكتور/ حمد فاروق الشيخ
رئيس إدارة التنسيق والتنفيذ الشرعي، وأمين سر ومقرر أعمال هيئة الرقابة الشرعية

مقدمة:

جاءت الشريعة الإسلامية لتحقيق جملة من المقاصد، وهي حفظ: الدين، والنفس، والمال، والعقل، والنسل، وتتعدَّد الوسائل التي تتحقق بها هذه المقاصد التي تضمن توفير الحياة الكريمة للبشرية التي بدونها لا تستقيم الحياة. فمن أهم ما يحفظ النفس البشرية توفير المسكن الملائم، والذي بدونه يقع الإنسان في ضررٍ في نفسه ودينه وعقله وماله، وقد ورد في الحديث النبوي الشريف: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا»(1).
ويعتبر توفير العلاجات الطبِّية المناسبة والوقاية منها وسيلة من وسائل حفظ النفس، كما أن توفير التعليم الجيد والحرف المتنوعة من وسائل حفظ العقل التي تقيه من الانهيار والتخلف والتبلد، وهو كذلك من أهداف تمكين الإنسان من الاعتماد على نفسه لعيش حياة كريمة له ولأسرته. ومن وسائل حفظ النسل توفير الباءة، وهي القدرة على الزواج من مال وغيره. ومن وسائل حفظ المال توفير المدخول المناسب لشراء قوت يوم الإنسان، كما أن من وسائل حفظ المال تجنب الكسب غير المشروع والتعامل المحرم، وهو أحد أهم مقاصد البنوك الإسلامية.
ومع كثرة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية وزيادة الفقر والفقراء، أصبح لزامًا على البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية التركيز على ما يسمى بالتمويل النظيف أو (التمويل الاجتماعي)، وهو التركيز على دورها في تنمية المجتمعات بهدف القضاء على الفقر والبطالة وغيرها من المشكلات ذات الطابع الاجتماعي، وذلك من خلال الوسائل المتاحة لديها سواء أكانت ربحية؛ كالبنوك والصناديق وشركات التأمين الإسلامية والأوقاف، أو غير ربحية؛ كالجمعيات واللجان الخيرية والجهات التي تقدِّم القروض الحسنة، والتي تهدف إلى تمكين الأفراد والمجتمعات اقتصاديًّا، ونقلهم من كونهم محتاجين ومعتمدين على الآخرين إلى الاكتفاء الذاتي، ومن الاستهلاك إلى الإنتاج، ومن الفقر إلى الغنى.
ونورد فيما يلي أهم أنواع التمويلات الإسلامية الاجتماعية:

أولاً: التمويل الإسكاني:

يعتبر توفير السكن المناسب أحد أهم التحديات الحالية التي تواجه دول العالم بشكل عام إن لم تكن أهمها، وقد تنبَّهت حكومة البحرين لهذا الملف منذ مطلع ستينيات القرن الماضي، عندما تم تأسيس لجنة الإسكان والتمليك عام 1962م، التي وضعت التشريع الأول المنظم لسياسة تقديم الخدمات الإنسانية للمواطنين، ثم تم تأسيس أول مدينة إسكانية نموذجية – بعد سنة واحدة – باسم مدينة عيسى، كما تم تأسيس وزارة خاصة بالإسكان في العام 1975م لتبدأ بعدها مرحلة جديدة في تخطيط وتنفيذ وتوزيع مشاريع السكن الاجتماعي، ومع الزيادة المطَّردة في معدَّلات النمو السكاني وارتفاع الطلبات بشكل كبير، تم توفير حلول استراتيجية تحقِّق استدامة الخدمات استفاد منها 130 ألف مواطن من ذوي الدخل المحدود، وتم بعدها إصدار قرار ملكي ببناء 40 ألف وحدة سكنية ابتداء من العام 2013م.
وتقدِّم وزارة الإسكان القروض السكنية والشقق والوحدات السكنية لمواطني البحرين في فترة تتراوح بين خمس وخمسة عشر سنة من تقديم الطلب، وتنظُر الحكومة حاليًا في تقليل فترة الانتظار إلى أقل من ثلاث سنوات.
وبالرغم من تزايد الأنشطة العقارية فإن هناك قُصورًا سكنيًّا تعانيه الأسر من ذوي الدخل المحدود والمتوسط، وبما أن نسبة الزواج في البحرين مرتفعةٌ وتصل إلى حوالي 3000 زيجة في السنة، وعلى افتراض أن 50% من هذه النسبة ترغب في الحصول على مسكن مستقل، فإن هذا يعني أن هناك حاجةً إلى 1500 منزلاً سنويًّا.
ونظرًا لهذا العدد الكبير مقارنة بتعداد شعب البحرين البالغ حوالي 1.7 مليون نسمة (يشكِّل المواطنون حوالي 45% فقط)، ظهرت فكرة إشراك القطاع الخاص من الشركات والبنوك في إنشاء المساكن لتخفيف العبء على القطاع الحكومي.
وقد ساهمت البنوك الإسلامية في تنمية الاقتصاد المالي في الدول التي تعمل فيها، إذ إن عملها قائم على تحريك السوق المحلية من خلال التمويل بالبيع والشراء، كما إن للبنوك الإسلامية العديد من المشاريع التي قدَّمتها ولا تزال تقدِّمها لتنمية الدول والمجتمعات، وتشهد مشاريعها على ذلك من خلال المساهمة في إنشائها والمشاركة في تمويل هذه المشاريع، ويُعتبر هذا الدور أحد متطلبات أنظمة الحوكمة التي تلتزم بها، ومن يتأمَّل معظم المشاريع القائمة في بلادنا يجدها مموَّلة من المصارف الإسلامية.
لهذا ولغير ذلك من الأسباب الاجتماعية الأخرى؛ أخذت البنوك الإسلامية، ومنها بنك البحرين الإسلامي، موقع الصدارة في دعم مثل هذه المشاريع والمساهمة فيها، حيث كان بنك البحرين الإسلامي أول بنك إسلامي يتعاقد مع وزارة الإسكان في وضع هيكل تمويل السكن الاجتماعي، وكان كذلك البنك الإسلامي الوحيد الذي يموِّل مشاريع الرهن المشترك إلى فترة بسيطة، وذلك من خلال المنتجات المتعدِّدة التي تُستَخدم في البنوك الإسلامية.
ومن أهم هذه الصيغ الإجارة الموصوفة في الذمة؛ حيث تتفق البنوك الإسلامية مع مقاولين متخصصين لبناء العقارات، ثم تتم إجارة هذه المساكن للراغبين في الحصول عليها إجارة موصوفة في الذمة، يلتزم خلالها البنك الإسلامي بتسليم الوحدة السكنية في موعدٍ محدد، وعند تجهيز العقار يمكن تأجيره إجارة مع الوعد بالتمليك لمدد طويلة، تنتهي بتملُّك الفرد للوحدة الإسكانية.
ومن أهم مميِّزات هذا النوع من الصيغ أنه يوفِّر الراحة والطمأنينة للمستفيد، إذ إن البنك ملتزمٌ بتوفير الوحدة المؤجَّرة للعميل دون أن يدفع الأجرة بعد، وإنما يَتَّفِق مع البنك أن يدفع مقدَّمًا تحت الحساب فقط يُسترده عند عدم تمكُّن البنك من توفير الوحدة المطلوبة، إلا أن هذه الصيغة تسبَّبت في خسائر عديدة لبعض البنوك الإسلامية بسبب تعثُّر بعض المشاريع الحيوية في مملكة البحرين، مما كلَّف البنوك الإسلامية ردَّ مئات الآلاف من الدنانير للمستأجرين.
وهناك آلية الاستصناع والاستصناع الموازي؛ ومن خلالها يوقِّع البنك (بصفته مستصنعًا) عقد استصناع مع مقاول (بصفته صانعًا) لبناء الوحدات السكنية، ثم يوقِّع البنك (بصفته صانعًا) عقد استصناع موازي مع الزبائن الراغبين في الحصول على مسكن (بصفتهم طالبي الصنع)، ويلتزم البنك بتسليم محل الصناعة (المساكن) بعد تسلُّمها من المقاولين، ويتم بعد ذلك تأجير العقار إجارة منتهية التمليك.
كما يمكن للبنك الدخول في عقود المشاركة المتناقضة في الأرض أو المشروع بالكامل؛ (والذي يمثِّل الأرض مع البناء) مع الزبائن، ثم يبيع البنك حصصَه أو يؤجِّرها على الزبائن، ثم تنتهي المشاركة بتملُّك الفرد لكامل حصص البنك فيؤول العقار له مباشرة.
إلا أن الصيغة المتَّفق عليها بكونها الصيغة الـمُثلى لتمويل الإسكان هي الإجارة المنتهية بالتمليك، التي يتملك البنك فيها العقار ثم يؤجِّره على الزبون إجارة تنتهي ببيع العقار أو هبته للزبون.
وقد تم تقديم الخدمات الإسكانية للمؤهلين في مملكة البحرين من خلال آليتين:

  1. بناء وزارة الإسكان الوحدة السكنية للمواطن، ثم بيعها إياه بالتقسيط، بحيث يتمثَّل القسط بالجزء المبني فوق الأرض، ويتم اعتبار الأرض بمثابة الهبة.
  2. القروض الإسكانية، ويتم تقديم مبالغ لا تتجاوز 60 ألف دينار للمؤهلين؛ للاستفادة منها لشراء الوحدة السكنية أو بنائها مباشرة.

ولعل من أهم عوامل نجاح هذا التمويل هو التعاون بين القطاع الحكومي والخاص، مما يشكِّل أنموذجًا يجب الاحتذاء به داخل وخارج البحرين.

مميزات التمويل الإسكاني:

  1. تتميَّز التمويلات الإسكانية القائمة على منتج الإجارة بأن صيغتها ومنتجاتها تحتكم للشريعة الإسلامية الغراء، والتي تفرض على مالك العقار (البنك) ضمان تبعة هلاك العقار طوال فترة تملُّكه له، وكذلك إجراء التأمين على العقار، والصيانة الأساسية، وهو أمر مهم يكون لصالح المستأجر.
  2. يمتاز التعامل في البنك الإسلامي بأنه يتضمَّن إنظارًا إلى ميسرة، حيث يُنظَر المعسرون إن ثبت إعسارهم مهلةً معينة دون فوائد أو أرباحٍ إضافية.

ثانيًا: تمويل التعليم:

أظهر تقريرٌ رسميٌّ في مملكة البحرين بلوغَ أعداد الطلبة في مدارس البحرين في العام الدراسي 2018 و2019 إلى ما يزيد عن 78 ألف طالب في المدارس الخاصة، و 149 ألف طالب في المدارس الحكومية، بينما بلغ عدد طلاب جامعة البحرين 29 ألف طالب، و2300 طالب في بوليتينيك البحرين، و13 ألف طالب في الجامعات الخاصة. وبلغت أعداد الطلبة غير البحرينين في المدارس الحكومية للعام التقرير 16 ألفًا و223 طالبًا.
أما تكاليف تعليم الطالب البحريني حسب المراحل الدراسية فقد أشار التقرير إلى أن كُلْفة تعليم الطالب السنوية في المرحلة الابتدائية تبلغ 2191 دينارًا، فيما تبلغ كلفة تعليم الطالب في المرحلة الإعدادية 2392 دينارًا، ومبلغ 2527 دينارًا للمرحلة الثانوية، و3200 دينارًا للمرحلة الثانوية (صناعي، فني).
وبلغت كُلفة تعليم الطالب البحريني السنوية في جامعة البحرين 1800 دينار مع الدعم، و2200 دينار ككلفة الفعلية. وإن هذه التكاليف وإن كانت تعتبر في متناول الأسر البحرينية عالية ومتوسطة الدخل، فإن رسوم الجامعات الخاصة أضعاف تلك الرسوم، حيث تتجاوز عشر آلاف دينار لشهادة البكالوريوس، ناهيك عن المدارس خارج البحرين التي تتجاوز هذه التكلفة بأضعاف.
ومن خلال تتبع إحصاءات تمويلات بعض البنوك الإسلامية، نجد أن نسبة تمويلات الدراسة لا تصل حتى إلى 1% من مجموع التمويلات الشخصية.

أهم عوائق تمويل التعليم:

تتمثل أهم عوائق تمويل التعليم فيما يلي:

  1. صعوبة تعاقد البنوك مع خدمات الجامعات.
  2. صعوبة تنظيم حالات عدم نجاح الطلبة أو الانسحابات وغيرها من الأمور الاستثنائية.
  3. عدم وجود دخل ثابت للطلبة، واضطرارهم للبحث عن شخص له دخل ثابت يقبل به البنك.
  4. الجهد الإداري المضاف للبنك والتكلفة المادية المرهقة والمتابعات الضرورية.

ثالثًا: تمويل العلاج:

يعد القطاع الصحي أحد أولويات حكومة البحرين منذ زمن، وبحسب إحصاءات وزارة الصحة فإن هناك 5.880.964 مليون حالة سنويًّا دخلت المستشفى في 2021م، ولا يخفى على علم الجميع مدى ارتفاع تكلفة العلاج لغير حاملي بطاقات التأمين في المستشفيات الخاصة، ويشكِّل تكدُّس المرضى في المستشفيات الحكومية عاملًا من العوامل التي تُحيل المرضى للمستشفيات الخاصة، إما رغبةً في سرعة العلاج أو خوفًا من المستشفيات الحكومية في أحيان أخرى، وعليه فإن إيجاد صيغة تمويلية للعلاج بات أمرًا ضروريًّا كذلك.

أهم عوائق تمويل العلاج:

تتمثل أهم عوائق تمويل العلاج فيما يلي:

  1. صعوبة تعاقد البنك مع جميع المستشفيات الخاصة، وتزداد الصعوبة إن كان العلاج خارج البحرين.
  2. صعوبة حصر تكلفة العلاج المبدئية واحتمالية زيادة الأسعار بحسب الحالة الطبية.
  3. صعوبة الحصول على تأمين تكافلي عن حياة المريض.

رابعًا: تمويل التأثيث وترميم الأبنية:

تعد أغراض الترميم والتأثيث من أكثر الأمور التي يطلُبها المواطن البحريني، خصوصًا في توزيع العديد من الوحدات السكنية غير المكتملة والتي تحتاج لترميم أو تأثيث. وقد موَّلت البنوك الإسلامية هذه الأغراض عبر منتج المرابحة للآمر بالشراء، وذلك بشراء المورد ثم بيعها مباشرة على العميل، وارتبطت تلك الصيغة ببعض المشكلات؛ كتكرار المرابحة وعدم وجود السلع أحيانًا مما قد يؤدي إلى بطلان المعاملة، ولهذا استبدلت البنوك الإسلامية من هذا المنتج منتج المرابحة الشخصية القائم على التورُّق.
ويتعذَّر على البنوك الإسلامية إيجاد تمويلٍ مرنٍ لهذه الأغراض عبر منتج المرابحة؛ لذا لجأت بعض البنوك الإسلامية لعملية الاستصناع ثم الإجارة، إلا أن هناك بعض الصعوبات في الاستصناع تتمثل في عدم مرونة المنتج.

خامسًا: تمويل الزواج:

بلغ عدد الزيجات في مملكة البحرين حوالي 5486 زيجة في العام 2020م، وقد انخفض معدل الزيجات في السنوات الأخيرة بالرغم من جائحة كورونا التي كانت فرصةً للمتزوجين بسبب انخفاض التكلفة، وتتراوح تكلفة المهور من 2000 إلى 3000 د. ب في العاملين 2019 و2020 إلا أن تكلفة الزواج الشاملة للمهر والحفلات والسفر تتعدى عشرة آلاف د. ب بارتفاع قدره 40% عن السابق.
وهذه التكاليف وغيرُها زادت العبء على المواطن البحريني الذي سيضطر في الغالب للاستدانة من البنوك لتغطية هذه التكاليف التي من المتوقع ارتفاعها لاحقًا أيضًا، ويتمثَّل المنتج الوحيد المتوفِّر حاليًا لدى البنوك الإسلامية في المرابحة الإسلامية التي تتميز بمرونتها؛ وذلك نظرًا لتعدُّد الجهات التي ستنتفع من أموال المتزوِّج مما يصعِّب مهمة تمويل الزواج عن طريق بيع أو إجارة المنافع.

أهم عوائق تمويل الزواج:

تتمثل أهم عوائق تمويل الزواج في تعدُّد المستفيدين من أموال الزواج، من مهر وتكاليف حفلات وسفر ومصاريف أخرى.

كيف تموِّل البنوك الإسلامية هذه الأغراض؟

من خلال تتبُّع آليات التمويلات الإسلامية نجد أنها إلى وقت قصير تستقر على منتج التمويل الشخصي القائم على المرابحة أو التورُّق، وهو منتج فيه من الخلاف الفقهي العميق ما فيه، إلا أنه يُعتَبر إلى حد ما أفضل المنتجات الموجودة في السوق لسرعة إنجازه وتوفير متطلبات المستهلك.
وقد قامت بعض البنوك الإسلامية بتجربة ما يسمى ببيع أو إجارة المنافع، من خلال تملُّك أو شراء المقاعد الدراسية من الجامعات (تمويل التعليم)، أو المستشفيات (تمويل العلاج) ثم بيعها بالتقسيط على المستفيدين مقابل أرباح، وهذه الآلية رغم موافقتها لأحكام الشريعة الإسلامية لها الكثير من السلبيات وتتطلَّب الاتفاق بين البنوك والجامعات، الأمر الذي ندعو من خلاله إلى إعادة النظر في هذه الأمور وابتكار منتجات سهلة في التطبيق، ويمكن ذلك من خلال تدخُّل القطاع الحكومي ممثَّلًا في الوزارات المعنية كما في التمويل الإسكاني، أو من خلال الشركات الوسيطة التي تتَّفق مع الجامعات أو المستشفيات من جهة، ثم مع البنوك من جهة أخرى لتسهيل التمويلات التعليم.

استخلاصات ونتائج وتوصيات:

أولًا: التمويل الاجتماعي الإسلامي:

  1. التمويل الإسكاني: يظهر تميُّز وريادة البنوك الإسلامية في مجال تمويل الإسكان والعقارات، من خلال استخدام الصيغ الإسلامية القائمة بالدرجة الرئيسية على صيغة الإجارة، التي يستفيد منها الزبون بتحمل البنك لتبعة هلاك العقار والصيانة والتأمين، بالإضافة إلى إنظار المعسر، وسيتم في القريب العاجل زيادة قاعدة المستفيدين من خلال برامج ابتكارية حكومية.
  2. الأغراض الأخرى: وجود قصورٍ في ابتكار صيغٍ سهلةٍ وناجعةٍ لخدمات التعليم والعلاج والتأثيث ومواد البناء، بخلاف منتج التمويل الشخصي القائم على التورُّق، وذلك بسبب الصعوبات والعوائق التي تواجه البنوك الإسلامية في هذه المجال، التي تتمثَّل في قلة استخدام هذه الأغراض من جهة، وارتفاع كلفتها من جهة أخرى، الأمر الذي يتسبب في عزوف البنوك الإسلامية عن تخصيص تمويلات خاصة بهذه الأغراض، ونود بهذا الخصوص إيراد بعض التوصيات والمقترحات التي قد تساهم في تطوير منتجات وصيغ خاصة بتمويلات التعليم والعلاج وغيرها، كالتالي:
    • تمويل بلا أرباح: تكرار تجربة التعاون بين القطاعين الحكومي والخاص في التمويل الإسكاني للتمويلات الأخرى، التي يحتاجها المجتمع البحريني؛ كالتعليم والصحة والزواج وغيرها من خلال التعاون بين الوزارات المعنية والقطاع الخاص، ممثَّلًا بالبنوك من خلال منح المستفيد منتجات قائمة على بيوع أو إجارة المنافع، أو من خلال التعاون مع القطاع الأهلى ممثَّلًا بالجمعيات الخيرية، حيث إن الحاجات الاجتماعية المهمة ينبغي فيها عدم التربُّح، والأصل فيها تشارك جميع قطاعات المجتمع في تحمل مسؤوليتها وتحقيق استفادة الأفراد منها، وهذا لا يمكن من خلال البنوك فقط، ومكانه الجمعيات الخيرية من خلال المساعدات والقروض الحسنة، ويمكن كذلك تخصيص صناديق خاصة تساهم فيها الوزارات والبنوك والجمعيات لتقديم مثل هذا الدعم.
    • تمويل مع أرباح: وذلك من خلال إنشاء شركات وسيطة تساهم في الربط بين البنوك والمؤسسات المعنية؛ كالجامعات والمستشفيات لتوفير التمويل اللازم.
  3. التوسُّع في دراسة وتحليل الوضع الاستهلاكي في مملكة البحرين للبناء على أولويات المجتمع لوضع تصور أفضل للتمويلات الاجتماعية، ولوحظ من خلال بعض الدراسات ارتفاع نسب التمويلات الاستهلاكية بدرجة كبيرة بالمقارنة بالتمويل الاجتماعي العادي، حيث بلغ عدد المستفيدين لغرض سداد الديون مقابل الحصول على مبلغ نقدي نسبة 91% من مجموع التمويلات في أحد البنوك الإسلامية في العام 2021، وهذا يؤدّي إلى تكرار عمليات التورُّق في البنوك الإسلامية دون وجود منتج بديل، والمنتجات البديلة للأغراض الأخرى ستكلف البنوك الإسلامية لكون الراغبين فيها قلة.
    كما أن موجةَ الغلاء والتضخُّم والأوضاع الاقتصادية غير المستقرة ستحتِّم على البنوك التوسُّع في تمويلاتها، بالرغم من ارتفاع أسعار الفوائد العالمية لمعالجة التضخم؛ وذلك بسبب تعوُّد الناس على مستوى معيشي معين ساهم فيه ما حدث من تشجيع على تأجيل الأقساط، الأمر الذي سيؤدي إلى توافد الناس إلى البنوك طلبًا للتمويل والوقوع في فخ الديون.
  4. اهتمام وتشجيع البنوك الإسلامية للجمهور على التمويلات الاستثمارية دون الاستهلاكية، وتوعية المجتمع بخطورة الديون غير الضرورية.

ثانيًا: المساعدات الاجتماعية:

  1. تبين أن غالب المستفيدين من المساعدات التي قدمتها لجنة الزكاة في أحد البنوك الإسلامية كانت لأغراض المعيشة والعلاج والديون، وقد تعكس هذه الأغراض أهم احتياجات أفراد المجتمع البحريني، مع التوصية بإجراء دراسة شاملة للتعرف على هذه الاحتياجات بصورة أكثر دقة.
  2. ضرورة تطوير صناديق الزكاة الرسمية والأهلية والتابعة للبنوك وآلية عملها، ودراسة التنسيق بينها لدعم المجتمع.
  3. تفعيل أموال الزكاة في تنمية وتطوير المجتمع والأفراد، ودراسة استثمارها في القروض الحسنة أو الأوقاف والصناديق الخيرية المستدامة.

ثالثًا: القرض الحسن:

  1. وجود قصورٍ شديد في تقديم القروض الحسنة لدى البنوك الإسلامية والجمعيات الأهلية، حيث إن هذه الصيغة حلٌّ مهمٌّ ووسطٌ لسد حاجات المجتمع من خلال تنسيق حكومي وأهلي ومصرفي.
  2. اقتصرت طلبات الحاصلين على القرض الحسن على أغراض سداد الديون والعلاج والتعليم والترميم.
  3. أهمية تخصيص مساعدات خاصة بالطبقة المتوسطة، التي ترفض تقديم المساعدات إليها من جهة، ولا تستطيع الحصول على التمويل لأسباب متعددة من جهة أخرى، وذلك من خلال القروض الحسنة، حتى لو كان مقابل رسوم خدمة فعلية.
  4. توصية البنوك الإسلامية والتقليدية بتخصيص صناديق للقروض الحسنة تُمنَح لأصحاب الدخل المحدود، ودراسة توفير تلك المبالغ من حسابات الزكاة وغيرها.
  5. توصية المؤسسات والهيئات الحكومية بإنشاء صناديق للقروض الحسنة، تخصص مع المساعدات الاجتماعية الأخرى لأغراض التعليم والعلاج والزواج وغيرها.

(1) أخرجه الترمذي، أبواب الزهد (4/ 574) حديث رقم (2346) وقال حسن غريب، وابن ماجه، كتاب الزهد، باب القناعة (2/ 1387) حديث رقم (4141).

Comments are disabled.