انطلق يوم الأحد الموافق 1 أكتوبر فعاليات مؤتمر البركة الإقليمي الإقليمي الأول بعنوان “تعزيز دور الصكوك في التنمية المستدامة: عرض وتحليل تجارب دولية”، الذي ينظمه منتدى البركة للاقتصاد الإسلامي، بالتعاون مع المنظمة العربية للتنمية الإدارية – جامعة الدول العربية، و الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي ، وتحت رعاية معالي/ الدكتور محمد معيط وزير المالية المصري.
ألقى سعادة الشيخ/ يوسف حسن خلاوي الأمين العام لمنتدى البركة للاقتصاد الإسلامي الكلمة الافتتاحية حيث أشار إلى أنه قبل خمسة عقود من الزمن كان الجميع في الدول العربية والإسلامية مشغولين بهموم التنمية، مسكونين بهاجس الانعتاق من التبعية للآخر.
وأضاف أنه خلال تلك الحقبة التاريخية المهمة،احتضنت مصر – كعادتها منذ فجر التاريخ كموطن للحضارات والفكر والتنوع الخلاق – رائدين كبيرين في مجال الاقتصاد هما : الأمير محمد الفيصل آل سعود ، ورجل الأعمال الشيخ صالح عبد الله كامل، حيث وجدا في مصر الدعم بمختلف مستوياته، والفكر المتجدد، والموارد البشرية المتخصصة، موضحا أن ما بذراه الرجلان- مع عدد من الرواد أمثالهما في مناطق عدة من أنحاء العالم الإسلامي- يحصد ثماره بعد عقود من الزمن صناعة عالمية راسخة الجذور وافرة الأصول شديدة الزخم واسعة الانتشار دائبة التجدد، هي صناعة الصرافة الإسلامية بما فيها الصكوك.
وأكد أن هذه الصناعة بات لها تأثير في كل الاتجاهات: ما بين أجندة مجموعة العشرين، مرورا بالبنك الدولي ومؤسساته ، إلى الأمم المتحدة ووكالاتها ، والبنوك المركزية وصناديق الاستثمار الدولية ، وأسواق رأس المال العالمية.
كما قال إن منتدى البركة قرر إطلاق مؤتمراته الإقليمية المتخصصة من مصر بعد عقود من الانطلاقة الأولى منها، وذلك اعترافًا بالجميل، وإيمانًا بالدور العالمي الكبير الذي يمكن لمصر أن تلعبه ، لا كرائد سابق فقط بل كبيئة مبتكرة قادرة باستمرار – وشواهد التاريخ لا تخطئ ولا تكذب.
واختتم كلمته بأن مصر قادرة من خلال منظومة الانفتاح على الأدوات التمويلية الواعدة مثل الصكوك على احداث تنمية حقيقة وشاملة ومستدامة.
من جانبه أكد الدكتور ناصر القحطاني المدير العام للمنظمة العربية للتنمية الإدارية في كلمته بالافتتاح، على أهمية تعزيز دور الصكوك كأداة مالية حيوية تُسهم بشكل كبير في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وقال إن العالم يعيش اليوم في زمن مليء بالتحديات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية، ومن أجل التغلب على هذه التحديات وضمان مستقبل مستدام، تصبح الابتكارات المالية ذات الصلة بالتنمية المستدامة، أمرًا ضروريًا.
وأشار سعادته إلى أهمية تعزيز دور الصكوك كأداة مالية حيوية تُسهم بشكل كبير في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، من خلال الأدوار المهمة التي تؤديها الصكوك، بما في ذلك تمويل مشروعات التنمية وتنويع مصادر التمويل، والالتزام بالمسؤولية الاجتماعية، وكذلك تعزيز الثقة والاستقرار من خلال اعتماد قواعد الشريعة الإسلامية والشفافية العالية المرتبطة بالصكوك.
كما أعرب عن أمله أن يكون هذا المؤتمر فرصة لمناقشة أبرز القضايا والتحديات المتعلقة بالصكوك وتطبيقاتها من خلال مشاركة الخبراء وصناع القرار، وممثلي البنوك المختلفة، وغيرهم من أصحاب المصلحة المعنيين بموضوعات الصكوك المحلية والدولية.
وأعرب كذلك عن شكره وتقديره لشركاء المنظمة في المؤتمر، منتدى البركة للاقتصاد الإسلامي، والجمعية المصرية للتمويل الإسلامي، كما وجه الشكر للخبراء والمتحدثين ورؤساء الجلسات.
من جانبه، عرض الدكتور محمد البلتاجي رئيس الجمعية المصرية للتمويل الاسلامي لمفهوم الصكوك وآلياتها وأهميتها وطرق عملها، وقال إن الصكوك تساهم في تمويل المشروعات بآليات معينة، ولكي تصدر الصكوك يجب أن يكون هناك مشروع وجهة مصدرة وجهة مستفيدة، وقال “لم نرى على المستوى الدولي أي صك أفلس، أو تعثر إصداره”.
وأشار إلى أن معظم الدول الكبرى أصدرت صكوكاً مثل إنجلترا وأمريكا، والعديد من الدول العربية ونجحت الصكوك في تلبية احتياجاتهم.
كما قام كل من سعادة الأمين لمنتدى البركة للاقتصاد الإسلامي والمدير العام للمنظمة العربية للتنمية الإدارية ورئيس الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي بتسليم درع التكريم لسعادة الأستاذ محمد حجازي مستشار وزير المالية المصري للصكوك نيابة عن معالي الدكتور/ محمد معيط وزير المالية المصري لرعايته الكريمة للمؤتمر.
إضافة لذلك، تبادل كل من منتدى البركة للاقتصاد الإسلامي والمنظمة العربية للتنمية الإدارية دروع التكريم لكلا المؤسستين تأكيدا على التعاون المثمر وتطوره في المستقبل.
جدير بالذكر أنه تم خلال الجلسة الافتتاحية عرض أول فيلم وثائقي عن الصكوك بعنوان “الصكوك: الاستثمار الأخضر” مُستعرضًا نشأة الصكوك مرورا بالتاريخ المعاصر وتطورها عالميًا بالإشارة إلى الجهود الدولية لتعزيز دور الصكوك كإحدى أدوات التمويل الاستثمارية الواعدة خاصة في مشروعات التنمية المستدامة. كما سلط الفيلم الضوء على التجربة المصرية الناجحة في إصدار الصكوك السيادية لتمويل مشروعات البنية التحية ودعم النمو الاقتصادي.
وجدير بالذكر أن المؤتمر اشتمل على ثلاث جلسات حوارية ناقشات بالبحث والتحليل:
الجلسة الأولى: “الصكوك وتنمية قطاعات الاقتصاد الكلي”، وقد تضمنت هذه الجلسة أربعة محاور رئيسية، وهي:
1) الصكوك أنواعها وإدارة مخاطرها وتأثيرها في مؤشرات الاقتصاد الكلي.
2) الصكوك وأثرها على أداء البنوك التقليدية والإسلامية.
3) الصكوك السيادية كأداة مالية لتمويل الموازنة العامة للدولة.
4) الجوانب التنموية لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة عن طريق الصكوك.
أما الجلسة الثانية، فقد انعقدت تحت عنوان ” الصكوك: التجارب، والممارسات الدولية”، وقد اشتملت على خمسة محاور هي:
1) تجربة البنك الإسلامي للتنمية في إصدار الصكوك المستدامة.
2) تجربة بنك البركة تركيا في إصدار الصكوك.
3) الصكوك وأهمية الأصول السائلة عالية الجودة في أوقات أزمة السيولة.
4) التصنيفات الائتمانية للصكوك.
5) التوثيق الموحد للصكوك وأثره في تعزيز الأسواق المالية العالمية.
أما الجلسة الثالثة والأخيرة فجاءت تحت عنوان “تجربة الدولة المصرية في إصدار الصكوك: الجوانب الشرعية والقانونية”، وقد اشتملت على أربعة محاور هي:
1) تجربة إصدار أول صك سيادي في مصر.
2) الضوابط الشرعية في إصدار وتداول الصكوك.
3) الجوانب الإجرائية لإصدار الصكوك.
4) الواقع والتحديات القانونية التي تواجه نمو سوق الصكوك في مصر.
وجاء البيان الختامي ليقدم أهم التوصيات في هذا الصدد والتي ألقاها سعادة الأستاذ يوسف خلاوي الأمين العام لمنتدى البركة للاقتصاد الإسلامي وهي على النحو التالي:
1) يمثِّل إصدار قانون الصكوك السيادية المصري رقم (138) لسنة 2021م، نقلةً نوعيةً في تنويع مصادر التمويل في الاقتصاد المصري، ويمثِّل نجاح الطرح الأول للصكوك السيادية المصرية دليلا على قدرة الاقتصاد المصري على الصمود في ظل ظروف غير مواتية عالميا وإقليميا؛ مما يبيِّن ضرورة العمل على تطوير القانون الحالي ليشمل مختلف الصكوك بدلا من الاقتصار على أنواع أربعة هي: المرابحة، والإجارة، والاستصناع، والوكالة.
2) دراسة مقوّمات النجاح في التجارب الدولية للصكوك، وعمل برتوكولات تعاون مع الجهات الداعمة والمشرفة عليها؛ للتوسع في مشروعات الصناعة والتمويل الأخضر.
3) أهمية تنمية وتنويع إصدارات الصكوك التي تلبِّي احتياجات القطاعات الاقتصادية والتنمية المستدامة، والتركيز على الصكوك ذات الآجال المتوسطة والطويلة، وصكوك تمويل مشروعات البنية الأساسية كأولوية هامة.
4) توفير قاعدة معلومات أحوال سوق الاستثمار في الصكوك من حيث نشاط السوق، ومدى توفُّر الالتزام الشرعي في إصدار وتداول الصكوك كضرورة لاتخاذ قرارات الاستثمارات من قبل المستثمرين في هذه السوق.
5) وضع خطة متكاملة لتدريب وتأهيل الكوادر البشرية وتزويدهم بالخبرة والمهارات اللازمة والعلوم ذات الصلة بالتعامل بالصكوك في مجال الفقه والاقتصاد والمحاسبة المالية.
6) العمل على توفير نظم المعلومات المتخصِّصة التي تتولى إدارة عمليات إصدار الصكوك، وتنظِّم قواعد التعامل والاكتتاب فيها، مع التوجيه بتطوير هذه النظم بشكل دائم طبقاً لمستجدات سوق المال الإسلامي.
7) وضع استراتيجية لإدارة مخاطر التعامل بالصكوك الإسلامية ومواجهة التحديات التي تواجهها على المستوى التشريعي أو التنظيمي.
8) السعي نحو إيجاد سوق مالية إسلامية كفء تتميز بالشفافية والحوكمة، وتكون قادرة على تعبئة الموارد المالية وتخصيصها؛ أملا في توسيع قاعدة المستمثرين في هذه السوق، والعمل على إيجاد سوق ثانوية للصكوك السيادية، لتعظيم الاستفادة منها كأداة لرفع معدل الادخار القومي.
9) الاستفادة من تجارب ماليزيا والسعودية والإمارات وإندونيسيا وغيرها من الدول في الاعتماد على الصكوك السيادية في تمويل مشروعات البنية الأساسية.
10) ضرورة قيام الهيئة العامة للرقابة المالية بإصدار معيار محاسبي مصري للصكوك، وذلك لتحقيق هدف المعيارية في الشفافية والإفصاح.
جدير بالذكر أن المؤتمر يهدف إلى بيان دور وأهمية الصكوك في تمويل المشروعات الوطنية التنموية والمستدامة، عرض وتحليل أفضل الممارسات الدولية والتحديات المتعلقة بإصدار الصكوك، تسليط الضوء على الجواب الفنية والعملية لهيكلة الصكوك بالإضافة إلى الجوانب الشرعية والقانونية. وقد حَظِي المؤتمر بمشاركة عدد من العلماء والخبراء والاقتصاديين في مختلف المجالات من داخل جمهورية مصر العربية وخارجها.