ركائز التنمية المستدامة في الاقتصاد الإسلامي – تغطية تحليلية لمؤتمر البركة الإقليمي بجامعة الدول العربية
بقلم الدكتور/ محمد السيد علي حامد
في المؤتمر الإقليمي الدولي الذي عقد أمس يوم الأحد الموافق 25-11-2024م بجامعة الدول العربية، ألقى سعادة الأمين العام لمنتدى البركة للاقتصاد الإسلامي كلمته الافتتاحية، ألقى فيها الضوء على التحديات المعاصرة في مجال التنمية وحالة الفقر الذي يعانيها معظم دول العالم، وقد شكلت هذه الكلمة، بهذا التصور، إطارًا متكاملًا للتفطن لهذه المشكلات وصياغة المنهجية الملائمة لمعالجة هذه الظواهر وفقا لرؤية الاقتصاد الإسلامي.
إن العالم وفقا لهذه الرؤية يعاني جملة من الأزمات التي كانت سببًا وراء بروز فكرة الاستدامة في عالمنا المعاصر، حيث “تتزايد التحديات الاقتصادية الاجتماعية وتتفاقم الأزمات المستجدة المتتابعة، وتزمجر الكوارث الطبيعية وتكشِّر عن أنيابها مؤذنة بالمزيد، فكان أن استيقظنا من سبات عميق وبدأ بعضنا – مراعاة لأن بعض قادة المجتمعات المتقدمة لازالوا يعتبرون أزمة المناخ خرافة على سبيل المثال – يفكِّر في مستقبل الأجيال القادمة، فبدأنا باستحداث مفاهيم منذ تسعينات القرن المنصرم مثل: الحوكمة، والمسؤولية الاجتماعية، ثم التنمية المستدامة، ثم حلولٍ أكثرَ تكاملًا“.
ومع هذه المحاولات المتكرِّرة لاحتواء أزمة الفقر والتحديات المعاصرة على المستوى البيئي والاجتماعي والبشري، “لا تزال الأهداف بعيدة بل ازداد بعضها بعدًا ولغة الأرقام لا تكذب” مشيرا سيادته إلى جملة من التحديات التي لا تزال تؤرِّق الدول والمجتمعات في العصر الحالي، “فتحدي جبال الديون يزداد على كافة المستويات، وتحديات تحقيق النمو يغلبها مؤشرات العجز في كثير من الأحيان، والأزمات السكانية أضحت ذات أوجه متعددة ومن أخطرها للدول المتقدمة أزمة الشيخوخة“، منوِّها بأن مؤشِّر اللامساواة يمثِّل سبَّةً كبرى لعصرنا بامتياز، وكل تلك تحديات جديدة تمثِّل عوائق كثيرة أمام تحقيق أحلام الاستدامة، ويأتي السؤال هنا عن الحل!!!!
ما الحل إذًا؟!!!!
ينتقل سيادته بدفة الحديث إلى الحلول الناجعة لهذه الأزمات، فيعود ببصره إلى الأصول والجذور ويطرح استيراتيجية متكاملة الأبعاد تشكل منهجا فريدا في دراية هذه المشكلة ودراستها، وهي مزيج من الإيمان الراسخ، والعمل الدؤوب، والوعي السليم، والتماس الأصالة، في العمل والسعي وتتمثل هذه الحلول في ثلاثة نقاط هي:
- أولًا: تحقيق شراكات متكاملة بين مختلف المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية، والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني، وفي هذا السياق يشيد سيادته بجامعة الدول العربية التي تمثل “فريقا استثنائيا” لتحقيق هذا الهدف.
- ثانيا: العودة إلى الأصول بإعادة تعريف الاستدامة وفق ما فهمناه عبر تاريخنا الطويل الممتد لقرون بعيدة، فحدها الأدنى “لا ضرر ولا ضرار”، وحدها الأعلى: “إن الله كتب الإحسان على كل شيء”.
- ثالثا: الانطلاق من إيمان حقيقٍ وثوابت حقيقية وراسخة واحتياجاتنا وتحدياتنا، بعيدا عن المزايدات السياسية والأغراض التجارية التي قادت بعض محاولات الدعاية لهذا المفهوم.
ويشير سيادته إلى أن هذه الاستيراتيجية “ستؤدي إلى تأسيس مفهوم أصيل للاستدامة ينسجم مع كافة قناعاتنا ومنظوماتنا الأخلاقية، التي يجب أن نعتبرها إحدى أعمدة الاستدامة الحقيقية كما ستؤدي إلى تحقيق التكافل المنشود بين كافة المؤسسات التي تعتبر خادمة للمجتمع.
منتدى البركة نموذج واقعي لتطبيق الاستدامة:
ينتقل سيادته إلى الحديث عن محورية فكرة الاستدامة ضمن الأهداف التي يتوخّى منتدى البركة نشرها والدعوة إلى تحقيقها بكافة الجهود، حيث لا يعتبر منتدى البركة الانشغال بالاستدامة ترفًا أو فضولًا، بل هو من صلب اهتماماته، ومؤسس المنتدى الشيخ صالح كامل رحمه الله، كان أول من أطلق منذ خمسة عقود مفهوم “إعمار الأرض”، وقرَّر أن دور قادة الأعمال هو الإنماء والتشغيل، وكان هذا الإيمان الراسخ سببًا لانطلاقه حول العالم واستهدافه خصوصًا للدول الناشئة بإيمان كبير بمستقبلها مع وعي عميق بتحدياتها.
ويؤكِّد سيادته أن فكرة إنشاء منتدى البركة جاءت انطلاقًا لفكرة الشيخ المؤسس عن الاستدامة؛ لا لاستمرارية ما كان يقوم به في حياته الخصبة فحسب، بل لاستمرار التطوير والتحسين أيضًا، واختار لتحقيق هذه الاستدامة نظام الوقف الذي أثبت أنه النموذج الأكثر كفاءة وحيوية ليستمر عبر القرون في عطاء حضاري خصب بإذن الله.
قطاع البر والإحسان في الاقتصاد الإسلامي ركيزة كبرى في طريق التنمية المستدامة:
“إن ما تم تفعيله حتى الآن لا يمثل سوى جزء بسيط من إمكانيات الاقتصاد الإسلامي”، بهذه العبارة استهل سيادة الأمين تنويهه بشأن القطاع غير الربحي للاقتصاد الإسلامي، لافتا للخطأ الشائع في النظر إلى الاقتصاد الإسلامي واختزاله في البنوك الإسلامية والنوافذ الإسلامية في البنوك التقليدية، منوِّهًا بأن هذه المؤسسات التي جسَّدت تطبيقًا معاصرًا للاقتصاد الإسلامي لا يتجاوز عمرها 50 عامًا، وهي بهذا تعتبر حديثة نسبيًا مقارنةً بالاقتصاد التقليدي.
إن هذا التصوُّر -كما يقرِّر سيادته – لا يعكس الحجم الحقيقي والعمقَ الهائل للاقتصاد الإسلامي، والذي يتضمن قطاعات أوسع بكثير، أهمها قطاع البر والإحسان، الذي لعب دورًا أساسيًّا في حضارة كانت من أسمى الحضارات وأكثرها سموًّا وإشراقًا معرفيًّا، ومع ذلك، لم يتم حتى الآن تفعيله بشكل كامل. رغم امتلاكه لدوائر متنوعة بعضها أوسع من بعض وأكثر عطاء وأغزر مادة، في مقدمة أدوات هذا القطاع تقع الزكاة، ثم تليها الدائرة الأوسع التي تتمثل في الصدقات، ثم يلي هذا وذلك دائرةٌ أشدُّ اتساعًا هي الوقف، وفي آخر المدى يقع القرض الحسن، والذي يعد مكونًا هامًّا جدًا بالرغم من عدم تفعيله في العصر الحديث.
ويضرب سيادته مثالًا عمليا لفعالية أدوات الاقتصاد الإسلامي في تحقيق التنمية بعد القضاء على الفقر، وهو مثال على بساطته قد يمثل نقلة نوعية في مضمار التنمية المستدامة، فيذكر سيادته أنه – على سبيل المثال- في بلد غني بالموارد السكانية كمصر، إذا قام 100 مليون شخص بدفع 100 جنيه فقط سنويًا، فإن ذلك يسهم في تأسيس وقف تنموي برأس مال استثماري يبلغ 10 مليارات جنيه، وهذا يعطي طاقة تمويلية هائلة لتحقيق التنمية المستدامة، فإذا توجه العائد في السنة الأولى لعمل وقف تنموي لدعم قطاع الصحة، وفي السنة الثانية لقطاع التعليم، ثم في السنة الثالثة لغيره من المجالات الاجتماعية، والنتيجة أنه بعد عقود يسيرة يمكن تمويل إنشاء مؤسسات كثيرة للخدمات العامة، التي تسهم بشكل كبير في تقليل الفوارق وفتح آفاق الفرص، خاصة ما يتوجه للتعليم، الذي يضمن مستقبلًا أفضل للأفراد ليس فحسب في إيجاد فرص عمل لهم بل لتكوين رجال أعمال ومستثمرين مدربين يقودون قاطرة التنمية في المستقبل.
ويتصل الحديث بالدور التنموي المستدام للقطاع غير الربحي، حيث ينوِّه سعادته إلى أن الوقف كنموذجٍ نوعيٍّ للتنمية المستدامة يشتمل على هدفين الهدف التنموي، والهدف الاستثماري، أما الهدف التنموي فيتحقق بتشغيل الوقف في الغرض المخصص لأجله، وأما الهدف الاستثماري فيصدق على توظيف مقدرات هذه الأوقاف في تحقيق التراكم الرأسمالية والربحية، ثم توجيه هذه الربحية إلى إنشاء مؤسسات أخرى تقوم بهذين الهدفين وهكذا دواليك.
غياب المؤسسية أحد أكبر عوائق تفعيل أدوات الاقتصاد الإسلامي لتحقيق التنمية المنشودة:
في إطار الحديث عن تفعيل أدوات الاقتصاد الإسلامي لتحقيق التمكين الاقتصادي، تحتاج هذه الأدوات برمتها إلى إصلاحاتٍ تشريعيةٍ وقانونية ومالية، بما يضمن تيسير عملها، ويزيل ما يقف أمامها من عوائق تحول دون تحقيق آثارها التنموية، وإن تأثير هذه الأدوات في خدمة الأولويات المحلية والاستيراتيجية المستدامة والتمكين الاقتصادي للفئات المختلفة رهنٌ بمنظومة تشريعية تصبغ عليها الطابع المؤسسي.
وهذه الأخيرة هي التحدي الأكبر -كما يرى سيادته- أمام تحقيق هذه الأدوات لأهدافها وأغراضها، فالزكاة مثلا تؤدِّى بشكل فردي كالتزام شخصي لعدم وجود قانون يجبر الإنسان على دفع الزكاة، مما يجعل تمويل التنمية عن طريق الزكاة مجرد تجمعات فردية من هنا وهناك، لا تؤدي أثرًا حقيقيًّا في عملية التحول المنشود، نظرًا لغياب المؤسسية والتخطيط والتنظيم وبمعنى شامل المؤسسية، التي تراعي الأولويات وتحدد الأهداف وتوجه بعناية حصائل هذه الأموال لتحقيق الآثار المنشودة، في ضوء الأولويات والتحديات، التي يكون عادة صانع القرار أقدر من أي جهة أخرى على استيعابها وتصميمها والتخطيط لها وفق التحديات المحلية البحتة، وهذا يعيدنا إلى نقطة البدء المتمثلة في إطار الحديث عن تفعيل أدوات الاقتصاد الإسلامي؛ لتحقيق التمكين الاقتصادي، ويؤكد على الحاجة إلى إصلاحاتٍ تشريعيةٍ وقانونية ومالية تضمن كفاءة وفاعلية ومؤسسية هذه الأدوات.
شراكات ومذكرات تفاهم على هامش المؤتمر:
في إطار تكثيف الجهود المؤسسية لدعم الاستدامة وفي إطار تحقيق هدف المنتدى الاستيراتيجي، والمتمثل في بناء شراكات فعالة وتحالفات مع الجهات ذات العلاقة لتعزيز وتطوير وترسيخ فكر الاقتصاد الإسلامي وتطبيقه، ولاستقراء التحديات والمستجدات الاقتصادية المعاصرة؛ لمواكبة الاقتصاد والمالية الإسلامية لها، قام معالي السفير، حسام زكي الأمين العام المساعد، جامعة الدول العربية، ممثلًا عن جامعة الدول العربية وسعادة السيد/ يوسف حسن خلاوي، الأمين العام، منتدى البركة للاقتصاد الإسلامي، ممثلًا عن منتدى البركة للاقتصاد الإسلامي بتوقيع مذكرة تفاهم.
وعرفانًا بدور جمهورية مصر العربية ومؤسساتها المختلفة في تعزيز الشراكات البناءة ودعم قضية التنمية المستدامة، أهدى سعادة السيد يوسف حسن خلاوي، الأمين العام، منتدى البركة للاقتصاد الإسلامي الدكتورة/ رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي – جمهورية مصر العربية، والسيد/ أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية درع منتدى البركة.
تقرير قياس واقع حالة الفقر خطوة عملية للحد من الفقر:
على رأس الجهود الرائدة التي يقدمها منتدى البركة برعاية سعادة الأمين العام / يوسف خلاوي يأتي تقرير البركة الاقتصادي في حلقته الأولى معنونا بـ “قياس واقع حالة الفقر في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي”. من إعداد د/ رامي مكي مدير وحدة التقارير الاقتصادية بالمنتدى.
وتكمن أهمية هذا التقرير كما يحدد ذلك سعادة الأمين العام في مقدمته فيما يلي:
- الانتقال من مجرد بيان محاسن أدوات الاقتصاد الإسلامي المختلفة -كالزكاة والوقف مثلا- إلى تقديم التحليل المعمق، والرصد الواعي للحالات التي شُرعت هذه الأدوات لمعالجتها.
- الإسهام في التحول المؤسسي لهذه الأدوات الاستراتيجية الكبرى، فالمؤسسات الوقفية والزكوية بحاجة ماسة إلى هذا النوع من التحليل؛ لرسم أهدافها والتخطيط بعيد المدى لأعمالها، في زمن تضخمت فيه التحديات: حيث الفجوة بين الفقر والغنى تزداد وتتعاظم كما تبينه مختلف الدراسات والمؤشرات.
- توضيح الفجوات الكبرى التي تحتاج إلى قيام مؤسسات جديدة لمجابهتها، وهذا ما يسهم أيضاً في تحول ممارسات الزكاة والوقف إلى ممارسات مؤسسية قادرة على النهوض بدورها الحضاري والاجتماعي والاقتصادي على حد سواء.
- بيان الحاجة الماسة لوجود مراكز الدراسات والأبحاث والرصد والتحليل والمعلومات للجوانب الاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات المحلية في مختلف أرجاء العالم الإسلامي.
- لَفْتُ الانتباه إلى ضرورة التركيز على هذه الجوانب شديدة التأثير في مستقبل المجتمعات المسلمة.
- استجلاب تركيز الأقليات المسلمة خارج العالم الإسلامي إلى هذه المساحات التي تحتاج إلى جهودهم وخبراتهم.
ولهذه الأسباب يشكل إطلاق هذا التقرير خطوة رائدة من منتدى البركة للاقتصاد الإسلامي، فالاطلاع على هذا التقرير يظهر بوضوح أنه يشكل استيراتيجية شاملة في قياس حالة الفقر في الدول المشار إليها، حيث بدأ بعرض إطار نظري شامل لمفاهيم الفقر وأنواعه تبعا لنوع الحرمان، ودور الاقتصاد الإسلامي في علاج مشكلة الفقر.
وانتقالا إلى الجانب التطبيقي “القسم الأول”، في التقرير يتناول منهجية خط الفقر، ومؤشرات قياس انتشار الفقر في المجتمع، فيعرض لخمسة مؤشرات مختلفة لقياس الفقر، ثم يتعرض لقياس قضية عدم العدالة في توزيع الدخول موظفا ثلاثة مقاييس في استجلاء حقيقتها، ثم ينتقل إلى مؤشرات قياس الفقر القائمة على القدرات الإنسانية ومستوى الحرمان البشري موظفًا في هذا الجانب خمسة مقاييس.
وفي القسم الثاني من التقرير يعرض لمحددات وأسباب الفقر في دول منظمة التعاون الإسلامي، والتي تتمثل وفقا للتقرير في ثمانية أسباب:
- تدني مستوى الخدمات الصحية.
- انخفاض مستوى الخدمات التعليمية.
- عدم العدالة في توزيع الدخول.
- الكوارث الطبيعية.
- الصراعات والنزاعات المسلحة.
- اتباع النظم الغربية في تحقيق الضمان الاجتماعي.
- ارتفاع معدلات البطالة.
- ارتفاع معدلات التضخم.
وينتهي التقرير بجملة من النتائج التي تلخِّص محتوى التقرير، مع جملة من التوصيات الرامية لتحقيق أقصى مواجهة لظاهرة الفقر، وفقا لرؤية الاقتصاد الإسلامي، ومن أهم هذه التوصيات:
- ضرورة تفعيل المؤسسات المالية الاجتماعية في النظام الاقتصادي الإسلامي؛ كمؤسسة الزكاة، التي لها دور رائد في القضاء على الفقر وإحداث الغنى.
ومؤسسة الوقف، التي لها تأثير استراتيجي بعيد المدى في التمكين للمجتمعات المحلية، وتوفير مختلف احتياجاتها الضرورية والحاجية، بل والتحسينية.
إلى جانب مؤسسة القرض الحسن التي تعمل على توفير النقد الطارئ للاحتياجات بما يحول دون القروض باهظة التكلفة، خصوصاً في الدول النامية التي تتضاعف بها تكلفة الاقتراض كثيراً لأسباب عديدة منها غياب مؤسسات حماية المستهلك. - البحث والتطوير والابتكار لمؤسسات الصدقة بصورها المتنوعة حسب احتياجات المجتمعات المحلية، مثل مؤسسات إطعام الطعام، وغيرها من المؤسسات.
- العمل على التمكين التشريعي والنظامي والمالي لهذه المؤسسات في مختلف الدول، لضمان الاستقرار المؤسسي المالي، ولكي تتمكن من التخطيط طويل الأجل لبرامجها.
خl>
وختامًا يظهر للناظر مدى الدور الكبير الذي يضطلع به منتدى البركة عمليًّا ونظريًّا لخدمة فكرة الاستدامة وترسيخها في المجتمعات التي يوجد فيها الاقتصاد الإسلامي بمؤسساته المختلفة، وعلى رأسها المؤسسات غير الربحية التي يعمل بعضها على اجتثاث أصول الفقر، ويعمل بعضها الآخر على توفير مستويات من الغنى تحقق الحياة الكريمة وتضمن الاستقرار الاجتماعي وتحقيق التمكين الاقتصادي لمختلف الفئات، هذا إن أمكن ضمان بيئة مؤسسية تعتمد على أنساق تشريعية وقانونية ونُظُم مؤسسية تحقق الفاعلية والاستدامة لهذه الأدوات.
وهذا إن دلَّ على شيء فإنما يدل على التزام المنتدى بالرؤية والأهداف التي خطَّها الراحل المؤسس صالح كامل بجهود العاملين في هذه المؤسسة وعلى رأسهم سعادة الأمين العام لمنتدى البركة، سعيا في تطبيق رؤية الاقتصاد الإسلامي للمشكلات، وعملا على إحداث تنمية مستدامة ترتكز في الأساس على قيم الاقتصاد الإسلامي الأصيلة التي تقف في حدها الأدنى عند “لا ضرر ولا ضرار” وتتطلع إلى آفاق عليا استنادا إلى مبدأ “إن الله كتب الإحسان على كل شيء”.