العقود الشرعية: عقد الإجارة
الأستاذ الدكتور/فياض عبد المنعم
الإجارة هي عقد معاوضة على تمليك منفعة مدة معينة. وهي مشروعة بالكتاب والسُّنَّة والإجماع؛ ففي القرآن الكريم قوله تعالى حاكيًا قول شعيب لموسى عليه السلام، قال: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ…}. وأما السنة النبوية، فعن ابن عباس: «أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم احتجم وأعطى الحجام أجره». وأجمع العلماء على جواز الإجارة. كما أن مصلحة الناس تتعلق بجواز الإجارة؛ لأن الناس في حاجة إلى الانتفاع بخِدْمات الأعيان كالمنازل ووسائل النقل وغيرها.
ويشترط في الإجارة أن تكون المنفعة مباحة، كتأجير البيت للسكن، والسيارة للانتقال من مكان إلى آخر؛ فلا تجوز الإجارة على منفعة محرمة، مثل: إجارة حوانيت الخمور. وتتحدد أسس الإجارة في أنها بيع منفعة الإنسان لمدة محددة معلومة بمقابل (الأجرة المعلومة)، ويتمكن من الانتفاع بالمنفعة وفق العرف السائد بين الناس.
ويشترط في المنفعة أن تكون غير واقعة على واجب شرعي متيقن، مثل: استئجار شخص ليصلي أو يصوم بدل شخص آخر، وأن تكون المنفعة معلومة، كتأجير البيت لمدة سنة مثلًا، وأن يتمكن المستأجر من الانتفاع بالمنفعة.
وإذا كانت الإجارة واردة على الأعمال كاستئجار مدرس لتعليم الأبناء، أو طبيب للتداوي، أو استئجار أهل الحرف والصنائع لخياطة الثوب أو للتنظيف أو لصناعة أثاث، أو لأي نوع آخر من العمل القائم على استئجار العامل للقيام به- فإنه يجب تحديد نوع العمل تحديدًا يمنع من النزاع، والعرف السائد هنا هو الذي يرجع إليه في ذلك.
وقد ميز الفقهاء بين الأجير العام والأجير الخاص؛ فالأجير العام أو المشترك هو الذي يعمل للناس جميعًا دون تخصيص (كمحلات خياطة الملابس)، والأجير الخاص مثل سائق سيارة غيره بأجرة. وتنتهي الإجارة بانتهاء مدة الإجارة، أو بالاتفاق على إنهائها بالتراضي، أو بهلاك العين المستأجرة المعنية.
وقد توسعت المبادلات بالإجارة للمنافع في العصر الحديث وازدادت حاجة الناس إليها، سواء إجارة الأعيان أو الأعمال. وقد وضع الشرع لها القواعد التي تجعل المعاملات بها في إطار نظام يكفل استمرارها واستقرارها بوصفها وسيلة للوفاء بحاجات الناس.