العقود الشرعية: عقد الحوالة
الأستاذ الدكتور/فياض عبد المنعم
الحوالة: هي نقل الدين من ذمة إلى ذمة أخرى؛ بمعنى: أن ينتقل سداد الدَّيْن من شخص المحيل إلى شخص المحال إليه، وهي مشروعة؛ حيث قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع». ولها ثلاثة أطراف: المحيل وهو المدين، والمحال وهو الدائن، والمحال عليه وهو الشخص الذي انتقل الدين إليه؛ فصار مطالبًا بسداد الدَّيْن. وأركان الحوالة هي: أطراف الحوالة التي ذكرناها، ومحل الحوالة وهي الدين المحال، وصيغة الحوالة، وتنقسم الحوالة إلى: الحوالة المطلقة: وهي لا يتقيد فيها بدين على المحال عليه؛ بأن يقول المحيل: أحلتك بدَينك الذي لك عليَّ على هذا الرجل، ولم يقل: على أن يؤديها من المال الذي لي عليه، وهي لا تتعلق بدين أو عين. أما الحوالة المقيدة، فتكون بصيغة: أحلتُ دَينك الذي لك على فلان من الدَّيْن الذي عليه. ومقصد الحوالة استيفاء الديون عن طريق الوفاء من المحال عليه.
ولهذا؛ فقد توسع الفقه في تصحيح الحوالة؛ فنجد من الفقهاء من يكتفي برضا المحال ولم يعتبر رضا المحال عليه، ومنهم من اعتبر رضا المحال عليه ولم يعتبر رضا المحال.
كما نجد أن الحوالة تصح عند بعض الفقهاء حتى لو لم يكن الذي على المحال عليه مجانسًا لما على المحيل قدرًا وصفة. وحكم الحوالة أن يبرأ المحيل عن الدين المحال، ويتحول الحق إلى المحال عليه.
وقد نظر الفقهاء إلى الحوالة من زوايا متنوعة؛ فمنه من رأى أنها معاملة من جنس المعاوضات؛ فاشترطوا فيها ما يشترط لصحة المعاوضات، ومنهم من رأى أنها من جنس الاستيفاء للحق؛ فلذلك إذا استوفى صاحب الحق دَينه من المدين كان هذا استيفاء، فإذا أحاله على غيره كان قد استوفى هذا الدين عن الدين الذي في ذمة المحيل؛ وما يؤيد ذلك أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قد ذكر الحوالة في معرض الوفاء.
والحوالة وسيلة من وسائل تيسير استيفاء الديون التي تحث الشريعة على تعجيل الوفاء بها، وقد تكون أفضل للمحال إذا كان المحيل مماطلًا، والمحال عليه أفضل ملاءة.