عوامل نجاح مؤسسة الوقف العلمي في المجتمع

بقلم الأستاذ الدكتور/إبراهيم عبد الحليم عباده
أستاذ الاقتصاد والمصارف الإسلامية-جامعة اليرموك/ الأردن

جاء الإسلام بنظام اقتصادي لا مثيل له، وجعل له قواعد وضوابط، ويرتكز هذا النظام على مجموعة من الأسس العقدية والأخلاقية، ويتكامل مع الأنظمة الاجتماعية والسياسية والثقافية، وينبثق من النظام الاقتصادي في الإسلام نظام الوقف الذي أصبح في ظل الإسلام مؤسسة كبرى لها انعكاساتها الدينية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية والعلمية والإنسانية.

أولاً: أسباب تراجع الأوقاف الإسلامية وسبل العلاج:

يشهد عالمنا اليوم تراجعًا غير مسبوق في الأوقاف الإسلامية ومرجع ذلك إلى أسباب كثيرة أبرزها(1):

  1. التأثيرات السلبية التي تركها المستعمر في البلاد الإسلامية(2) من فصل لدواوين الأوقاف الإسلامية عن الحكومات المسلمة ووصلها مباشرة بالمفوضيات العليا، وجعل لها مستشارين غير مسلمين يتصرفون في شؤونها الإدارية والمالية بسلطة واسعة ونفوذ مطلق فأرهقوا خزاناتها بالرواتب المستحدثة العظيمة(3).
  2. علاقة بعض الدول بالأوقاف الإسلامية وسيطرة الدولة على إدارة الأوقاف بشكل كامل(4).
  3. غياب النظام الوقفي الشامل والمتكامل وضعف الصيغ العملية والإمكانات التنفيذية التي تسهم في إعادة النظام الوقفي إلى سابق عهده (5).

ثانياً: وسائل تفعيل الوقف في المجتمع

ويمكننا أن نحدد بعضاً من المهام التي ينبغي القيام بها في سبيل تحقيق هذه الغاية، وفي سبيل الاستفادة من الأموال الوقفية في نشر العلم والمعرفة:

  1. نشر الوعي بين أفراد المجتمع عامة والموسرين خاصة وتعريفهم بأن الوقف قربة إلى الله تعالى وأنه من الصدقة الجارية كالمسجد أو أكثر في بعض الأحيان، خصوصاً مع توفر الوسائل التقنية المتطورة من أجهزة إعلامية وأقمار اصطناعية وانترنت وغيرها من الوسائل.
  2. بث الوعي الديني بوجوب التكافل وإظهار أن الوقف على العلم سبيل من سبل الإنفاق في سبيل اللَّه، وما التقصير في الإنفاق في هذا الجانب إلا نتيجة من نتائج ضعف الشعور الديني بوجوب التكافل بين أفراد المجتمع المسلم.
  3. إظهار الدور الرائد الذي أسهم به الوقف في تطور وتقدم المجتمع الإسلامي عامة، وفي مجال التعليم خاصة.
  4. التنسيق مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الاستفادة من ريع بعض الأوقاف، أو الوقف المباشر على إنشاء بعض المرافق العلمية، وقد أجاز مجمع الفقه الإسلامي كما سبقت الإشارة استثمار ريع الوقف.
  5. ترك الحرية للواقف في إدارة وقفه أو الإشراف عليه إذا رغب بذلك إزالة للشكوك والشبهات والتي كانت سببا رئيسا في تراجع الناس عن الوقف.
  6. الدعوة إلى فكرة السهم الوقفي وهي فكرة بسيطة تتمثل في نقل القدرة على الوقف إلى عموم المسلمين من خلال المساهمة في وقف خيري تعليمي مثل مدرسة أو جامعة أو كلية أو كرسي علمي أو مجلة محكمة وذلك عن طريق شراء أسهم بحسب القدرة وحسب الفئات المحددة في المشروع المعين ينفق ريعه على أوجه الخير السالفة الذكر وفقا للسهم وحسب رغبة المساهم(6).
  7. التعريف بالمجالات التي من الممكن أن يسهم الوقف فيها في نشر العلم والمعرفة سواءً كانت مشاريع إنشائية كبناء المدارس والمصليات، أو تجهيزية كالوسائل والأثاث.
  8. حصر الأوقاف العلمية –قديماً –، وتقديم دراسة لكيفية الاستفادة منها في التعليم والتعلم، وربطها بحاجات الناس وفقا لأولوياتهم، ودراسة وحصر الاحتياجات العلمية التي يمكن الإنفاق عليها من الأموال الوقفية، وترتيبها وفق أولويات معينة وضوابط محددة.
  9. وضع الإجراءات واللوائح المنظمة لعملية الوقف العلمي، بحيث تكون الصورة واضحة تماماً أمام الواقفين، مما يبصر الواقف عند إرادته الوقف في هذا المجال، ويمكن الاستفادة من قواعد الحوكمة المعمول بها في المؤسسات المالية ومنها الإسلامية.
  10. فتح باب المساهمة في الوقف الجماعي حتى تعم بذلك المشاركة في الخيرات، ولا يحرم من قصد الثواب والبر، وتجتمع فيه نيات المشاركين، وأموالهم، وتوجهاتهم إلى اللَّه بالإخلاص في أعمالهم.
  11. الاستفادة من خبرة الجمعيات الخيرية العاملة، فقد عملت في أوساط الحاجة، وتلمست مواطن الإنفاق، وتجمع لديها خبرة في هذا الجانب لا يمكن الحصول عليها من غيرها.
  12. العمل على الاستفادة من التجارب الحالية للدول غير المسلمة على أن توضع في إطار إسلامي(7).

(1) انظر: أبو الهول، الأوقاف الإسلامية بين الواقع والمأمول، ص22 وما بعدها، وانظر: أمنوح، مهدية، الوقف الإسلامي الحديث بين تحديات الواقع وضرورة الإصلاح، جامعة عبد المالك السعدي، المغرب، ص8.
(2) انظر الناصري، محمد المكي، الأحباس الإسلامية في المملكة المغربية، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، 1992 نقلا عن: أبو الهول، محي الدين يعقوب، الأوقاف الإسلامية بين الواقع والمأمول، ص 20.
(3) أبو الهول، محي الدين يعقوب، الأوقاف الإسلامية بين الواقع والمأمول، ص22.
(4) غانم، إبراهيم البيومي، التكوين التاريخي لوظيفة الوقف في المجتمع العربي -مستل من نظام الوقف والمجتمع المدني في الوطن العربي، ص 101.
(5) أمنوح، مهدية، الوقف الإسلامي الحديث بين تحديات الواقع وضرورات الاصلاح، ص17-18.
(6) وقد أطلقت الهيئة العامة للأوقاف في الإمارات فكرة السهم الوقفي، أنظر: طرق تفعيل الوقف في المجتمع الإماراتي، سلسلة المؤتمرات والندوات رقم 1، ندوة مؤسسة الأوقاف وشؤون القصر، دبي،2006،
(7) انظر حول ذلك: السبهاني، اقتصاديات الزكاة والوقف، ص215 وما بعدها، وانظر: اللاحم، صالح بن عبدالله، أسباب انحسار الوقف في العصر الحاضر، وسبل معالجته، بحث مقدم لوزارة الشؤون الإسلامية بالمملكة العربية السعودية، ص26-34، المشيقح، خالد بن علي بن محمد، الأوقاف في العصر الحديث كيف نوجهها لدعم الجامعات وتنمية مواردها دارسة فقهية، ص83-91.

Comments are disabled.