“أهمية الفكر في صناعة التأثير”

12- 13 نوفمبر 2022

منتدى البركة للاقتصاد الإسلامي ينجح في إطلاق أولى قممه العالمية من لندن بحضور نخب ومؤسسات اقتصادية عالمية

أطلق منتدى البركة للاقتصاد الإسلامي باكورة سلسلة قممه العالمية لدعم مفاهيم الاقتصاد الإسلامي تحت عنوان “قمة لندن: أهمية الفكر في صناعة التأثير” خلال يومي 12 و13 نوفمبر 2022، بهدف فتح آفاق الوعي الفكري وتمويل البحوث وإنشاء قواعد البيانات المعرفية المرتبطة بالمالية الإسلامية، إلى جانب مناقشة آليات الحفاظ على موارد الاقتصاد الإسلامي ومعالجة موضوعاته المعاصرة من الناحية النظرية والعملية وفاعلية تطبيق الصناعة الاقتصادية الإسلامية للمجتمعات كافة حول العالم.

هذا واستقطب الحدث الدولي لفيف من العقول الاقتصادية اللامعة، وممثلي عن كبرى المؤسسات المالية المعنيين بالاقتصاد عمومًا والاقتصاد الإسلامي خصوصًا، حيث أعلن سعادة الأستاذ يوسف خلاوي الأمين العام لمنتدى البركة للاقتصاد الإسلامي خلال كلمته الافتتاحية عن تواصل انطلاق قمم البركة الدولية خلال العام المقبل باعتبارها منصة عالمية فارقة للاقتصاد والتمويل الإسلامي، وهو ما يرسخ من حضور دور المنتدى الرائد كمنصة تربط بين الكيانات الدولية الاقتصادية والمتخصصين من الأكاديميين والمهنيين والباحثين، مما يدعم تطبيق أسس الاقتصاد والمالية الإسلامية.

وأكد سعادته على الدور التاريخي الهام الذي لعبته ندوة البركة على يد المرحوم الشيخ صالح كامل رائد الإقتصاد الإسلامي حتى تحولت الندوة إلى منتدى دولي يرعى سلسلة قمم عالمية، متحدثًا عن مسيرة العقود الأربعة التي حولت الندوة إلى منارة معرفية معنية بالمالية الإسلامية في شتى أنحاء العالم، ومساهمتها في إحداث تحول تاريخي في الاقتصاد الإسلامي، حتى أصبحت منتدى البركة في عام 2020.

تناوبت الكلمات الافتتاحية لضيوف القمة اتباعًا، خلال حفل الإطلاق الذي قدمه الأستاذ فراز خان مؤسس شركة (SEED Ventures)، وقد استهل معالي الأستاذ الدكتور قطب مصطفى سانو الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي (IIFA)، حديثه باستعراض أهمية شعار القمة ودور الفكر في صنع التأثير وتعزيز المكانة الاقتصادية والاجتماعية للدول، وصرح خلال كلمته أن الإسلام منح مسألة الفكر والتدبر وإعمال العقل وقيمة العمل أولوية كبرى عبر التاريخ، في إشارة منه إلى دور الاقتصاد الإسلامي وإسهامه في تطوير المالية العالمية، والتمييز بين الأحكام الثابتة والمتغيرة المتعلقة بالمال والأعمال، بما يتيح للدول والمؤسسات المساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وجاءت الكلمة الافتتاحية لسعادة الأستاذ طه آيهان رئيس منتدى التعاون الإسلامي للشباب (ICYF) لتؤكد على دور الاقتصاديين الشباب في دمج التمويل الإسلامي داخل الاقتصاد العالمي، وأهمية تفعيل آليات الاقتصاد الإسلامي لمواجهة المشاكل الاقتصادية مثل الفقر والبطالة، عبر أفكار الأجيال الجديدة. وأوضح آيهان أن النظام المصرفي الإسلامي تطور بسرعة على مدى العقود الأخيرة، ليكون من أكثر الأنظمة ديناميكية، وهو ما يمكن استغلاله لجذب اهتمام الملايين من الأشخاص حول العالم، لكن تظل هناك حاجة كبيرة إلى بذل مزيد من الجهد في شرح هذا المفهوم المالي للعالم بأسره.

وألقت الكلمة الافتتاحية لسعادة الدكتور عمر حسين الرئيس التنفيذي للهيئة الإسلامية العالمية لإدارة السيولة (IILM) الضوء على صناعة التمويل الإسلامي، متطرقًا لهذه القضية عبر استعراضه أرقام هذا التمويل البالغة 3 تريليونات دولار أمريكي، وأن التمويل الإسلامي لا يزال في مراحله الأولى، كما تحدث الدكتور عمر في حديثه على الآفاق التي يمكن أن تفيد البشرية، إذ ما تم تطوير الإمكانات وتعزيز الجهود بما يتماشى مع مبادئ الشريعة الإسلامية، وهو ما يؤسس لتطوير منتجات مالية تنافسية ديناميكية مؤثرة بشكل إيجابي على الاقتصاد وتتوافق مع الشرع.

واختتم سعادة الأستاذ الدكتور علام أحمد رئيس المنظمة العالمية للتنمية المستدامة (WASD) الكلمات الافتتاحية بحديثٍ تناول فيه دور المعرفة والفكر وإسهامهما الفاعل في حل المشاكل العالمية الحالية، والطريقة التي يمكن للاقتصاد الإسلامي أن يساهم بها في خلق عالم أكثر استدامةً وتطورًا ومرونةً، مؤكدًا على ضرورة سرعة التحول من المعرفة القائمة على الأساليب التقليدية، إلى المعرفة الحديثة التي تطوع الرقمنة والتكنولوجيا.

وانعقدت القمة التي جرت لأول مرة خارج حدود منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في فندق (JW Marriott Grosvenor House London) بالعاصمة البريطانية، وأبرزت دور المؤسسات البحثية والفكرية والمعرفية في مجال الاقتصاد الإسلامي، بما يعزز إنجاز منتدى البركة في قطاع المالية والصيرفة الإسلامية؛ حيث تباحث رواد الاقتصاد والمالية الإسلامية وصناعة التمويل خلال اليوم الأول حول خمسة محاور فكرية عبر جلسات نقاشية، تعرضت إلى الاقتصاديات المبنية على المعرفة، وفلسفة الإسلام في تبني مالية تنموية تخدم الفرد والمجتمع.

جاءت أولى جلسات القمة تحت عنوان (الحاجة إلى مؤسسات مستقلة وذكية ومتخصصة في الاقتصاد الإسلامي – التركيز على منتدى البركة للاقتصاد الإسلامي)، وتناقش فيها كلٍ من رئيس الجلسة البروفيسور بيل رآسل، عميد كلية إدارة الأعمال المشارك في جامعة (Dundee)،  وسعادة الدكتور عمر حسين الرئيس التنفيذي للهيئة الإسلامية العالمية لإدارة السيولة (IILM)، والأستاذ إبراهيم السيد منسق تطوير المحتوى في منتدى البركة، حول أهمية الفهم التحليلي للتمويل الإسلامي لمساعدته على النمو والازدهار عالميًا، وضرورة وجود مؤسسات فكرية ترفع الوعي العالمي بالاقتصاد الإسلامي، ضاربين المثل بمنتدى البركة كنموذج يجب الاقتداء به لتحقيق هذا الهدف.

وأعلن منتدى البركة عن قيمة جائزة صالح كامل للاقتصاد الإسلامي، التي تبلغ مليون ريال سعودي لأول مرة، من خلال مناقشات الجلسة الثانية التي انعقدت بعنوان: (جائزة صالح كامل للاقتصاد الإسلامي كمحرك لتطوير البحث العلمي) للتعريف بأهمية الجائزة البحثية ودورها التشجيعي للباحثين في مجال فقه المعاملات المالية الإسلامية. وقد ترأس الجلسة الدكتور محمد عبد الحق مدير مركز التمويل الإسلامي في جامعة (Bolton)، في حين خلص كلٍ من الأستاذ إبراهيم السيد منسق تطوير المحتوى في منتدى البركة نيابة عن الأستاذ هشام زكي مدير تطوير الأعمال بمنتدى البركة، والأستاذ عبد القادر توماس مدير خدمات المعرفة في مؤسسة (SHAPETM) إلى أن الجوائز لها دور كبير في نشر مخرجات البحث العلمي للباحثين والأكاديميين، للاستفادة من البحوث بطريقة فاعلة تدفع حضور المالية الإسلامية في الساحة الدولية.

وشرح الأستاذ إبراهيم منسق تطوير المحتوى أن هذه الجائزة قد تم استحداثها لتخلّد ذكرى مؤسس المنتدى الشيخ صالح كامل – رحمه الله – وإسهامه الرائد في مجال الاقتصاد الإسلامي؛ حيث تهدف الجائزة إلى نشر وتطوير البحث العلمي المعني بفقه المعاملات المالية الإسلامية والبحث الاقتصادي الإسلامي، من خلال تشجيع ابتكار وإبداع الباحثين وتمكين إنتاجهم الفكري من الانتشار والتطبيق، وستمنح الجائزة إلى أفضل أطروحة بحثية أكاديمية في مرحلتي الماجستير أو الدكتوراه وأفضل بحث مقدّم في موضوع العام حسب ما سيقره مجلس أمنائها.

تناولت الجلسة الثالثة للقمة موضوع: (مؤسسات البنية التحتية للاقتصاد الإسلامي والدور المنشود – AAOIFI نموذجا) من خلال مناقشات رئيس الجلسة الأستاذ عمر سليمان الرئيس الدولي للمخاطر في (Wahed)، مع الدكتور رضوان مالك رئيس قسم تنفيذ المعايير والتطوير الاستراتيجي في هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (AAOIFI)؛ ونوه المتحدثان إلى دور إرساء المعايير وتحديد الممارسات الشاملة للمالية الإسلامية، وأهمية تطويرها بما يتوافق مع الشريعة، لضمان تغطية كافة حقول الاقتصاد الإسلامي من مختلف الزوايا التنظيمية والعملية والأكاديمية والشرعية، مما يعزز فاعلية المالية الإسلامية كمنهج اقتصادي عالمي.

وخصصت قمة منتدى البركة للاقتصاد الإسلامي المحور الرابع بجلساتها ليلقي الضوء على دور الفكر وآليات تنفيذه العملي كركيزة أساسية لتحقيق التطور في الاقتصاد الإسلامي، من خلال موضوع: (من التمويل الإسلامي إلى الاقتصاد الإسلامي – القدرة على دراسة نظرية الاقتصاد الإسلامي في نطاقها الشامل). والذي تباحث فيه رئيس الجلسة الدكتور أليجا أفدوكيتش نائب مدير برامج (M.Sc) للتمويل الإسلامي في جامعة (Dundee)، مع الدكتور محمد أسوتاي أستاذ الاقتصاد والتمويل ومدير مركز (Durham) للاقتصاد والتمويل الإسلامي، عن ضرورة تطوير العلوم والتعليم وأدوات التدريب للمساهمة في إرساء نظام مالي مستقر ومرن يتسم بالتحليل الفكري.

واختُتم اليوم الأول للقمة بخامس الجلسات التي ناقشت موضوع: (فاعلية المؤسسات المالية الإسلامية في السوق البريطاني – المستقبل والآفاق)؛ حيث ترأست الجلسة الدكتورة  ناتالي شون المستشارة الرئيسية في شركة (Formabb) المحدودة، وقد تكلمت عن تواجد مؤسسات مالية إسلامية في السوق البريطانية، مشيرة إلى تقارير البركة السنوية التي أظهرت نموًا في أصول خدمات الاقتصاد الإسلامي التي وصلت 2.7 تريليون دولار في أكثر من 75 دولة، وهو ما فتح باب النقاش مع الأستاذ ستيوارت هوتون الرئيس التنفيذي للاستثمار في شركة (Simply Ethical)، الذي استعرض التحديات التي تواجه العالم اقتصاديا خاصة بعد الجائحة والجهود البريطانية لمواجهتها.

وقد تناول الأستاذ عدنان حلاوي مدير أول العروض في مجموعة بورصة لندن (LSEG)، موضوع تبني الحكومة البريطانية لتوجهات داعمة للاقتصاد الإسلامي، وهو ما اتفق معه الأستاذ الدكتور حسين عبده أستاذ العلوم المصرفية والمالية في كلية إدارة الأعمال والعدالة في جامعة (Central Lancashire)، متوقعًا أن ينمو قطاع التمويل الإسلامي إلى أكثر من 4 تريليون دولار في الأصول بحلول 2030 مقارنة بـ 200 مليار دولار في عام 2003، فيما جاء نقاش المهندس أشرف طنبولي الرئيس التنفيذي لخدمة شهادات الحلال في الغرفة الإسلامية (ICHCS)،  ليسلط الضوء على آفاق المنتجات الحلال بقطاعتها الغذائية والتجميلية وتصنيع الملابس في السوق الأوروبي، هذا وقد أجمع المتخصصون الماليون حول الدور الحيوي للمؤسسات المالية الإسلامية وإسهامها في تمكين الأفراد والمجتمعات عالميًا، كما تعرضوا إلى المشاكل والحلول الفكرية المتعلقة بتطويع التمويل الإسلامي بهدف تحويله إلى صناعة عالمية تستهدف المسلمين وغير المسلمين.

وخلال مجريات اليوم الثاني أقامت قمة البركة في لندن ورشة عمل بالتعاون مع هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (AAOIFI)، حيث استعرض الدكتور رضوان مالك رئيس قسم تنفيذ المعايير والتطوير الاستراتيجي في الهيئة موضوع: “المعيار الأخلاقي الجديد لأيوفي (برنامج أخلاقيات المهنة)”، بما يخدم مطوري القطاع المالي الإسلامي، وسلط الضوء على دور السلطات الدولية المنظمة لوضع المعايير المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، كما تحدث الأستاذ أرشادور رحمان، رئيس إدارة البيانات والتحليلات ببنك إنجلترا المركزي عن الخدمات المصرفية والتأمين وإدارة الأصول وحوكمة الشركات وإدارة المخاطر والعديد من المجالات الأخرى ذات الصلة بالتمويل والتشغيل.

الجدير بالذكر أن الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة والزراعة الشريك الاستراتيجي لقمة البركة في لندن أعلنت من خلال حديث الأستاذة عالية جعفر مديرة العلاقات الدولية في الغرفة الإسلامية، عن بدأ التحضير للنسخة الجديدة لقمة لندن في نهاية أكتوبر  2023 ؛ سعيًا أن يحقق الكيانان هدفهما الاستراتيجي المشترك في تحفيز الاستثمار في الاقتصاد الإسلامي بشكل أكبر مما هو عليه حاليا، مشددة على دور المؤسستين في إرساء ثقافة المشاريع المعرفية لبناء الاقتصاديات المحلية بما يتوافق مع الواقع ويطور ويدعم المجتمعات الإسلامية في العالم الإسلامي وغير الإسلامي.

هذا وتجدر الإشارة إلى أن اختيار مكان انعقاد القمة الماضية والمرتقبة في لندن جاء نظرًا لأهمية الدور المالي العالمي للعاصمة البريطانية، حيث تتمتع لندن عبر تاريخها الممتد بريادة مالية عالمية، مع تركيز خاص على التمويل الاسلامي، كونها أحد أهم المراكز المالية العالمية، وهي قريبة جغرافيًا من أهم المؤسسات الأكاديمية المتخصصة في التمويل الإسلامي. ووفقًا لقاعدة بيانات صالح كامل للاقتصاد الإسلامي، تمثل البنوك الإسلامية في المملكة المتحدة 33٪ من جميع البنوك الإسلامية في أوروبا، كما تمتلك 62٪ من مؤسسات التكنولوجيا المالية الإسلامية الأوروبية، والتي تشمل 6 بنوك رقمية إسلامية، وهو ما يجعل لندن نقطة انطلاق سلسلة قمم البركة العالمية.

Comments are disabled.