ناقش خبراء ومختصون في مجالات الاقتصاد خلال جلسات اليوم الثاني لندوة البركة للاقتصاد الإسلامي في دورتها الـ 43 ،التي تُنظم تحت عنوان “الاقتصاد الإسلامي وأصالة الاستدامة”، وترأس الجلسة الرابعة عضو مجلس الحوكمة في أيوفي الدكتور وليد حجازي التي تناولت محور “المصارف الإسلامية وأثرها في التمكين للاستدامة، وأشار إلى أن مفهوم الاستدامة مستغرقة في مقاصد الشريعة وأولى بالرعاية والتطبيق وأننا علينا أن ننتج من الأدوات واللوائح والقوانين التي تعزز هذه الأهداف والمصارف الإسلامية عليها أن ترعى تلك المقاصد.
وانطلقت الجلسة الرابعة بورقة علمية بعنوان مؤشر مقاصدي لقياس استدامة المصارف الإسلامية” قدمها كل من أستاذ الاقتصاد والمالية، جامعة درهام، المملكة المتحدة الدكتور محمد أسوتاي، وأستاذ المالية والاقتصاد من جامعة دندي بالمملكة المتحدة الدكتور عليجا أفدوفيكش، وتناولت الورقة البحثية أن هناك ضرورة لدمج الاعتبارات غير المالية ، مثل الأثر البيئي والاجتماعي ، في أنشطة التمويل والاستثمار جنبًا إلى جنب مع الاعتبارات الاقتصادية المشتركة.
‏وأوصت الورقة أنه لتطبيق مبدأ المقاصد يجب على المصارف، الإبلاغ عن ممارسات الاستدامة الخاصة بها وكيفية استهداف مجموعات محددة من أصحاب المصلحة في تقارير الاستدامة الخاصة بها، والمراقبة والمراجعة والإبلاغ عن الامتثال لهذه المبادئ على أساس منتظم.
‏كما نوهت الورقة إلى ضرورة تطوير معايير الاستدامة بالمصارف وتقييم الأثر لأنشطتها التمويلية على أن يشمل قياس الأثر كلاً من المقاييس الكمية والنوعية مع مراعاة خصائص القطاع.
في حين قدم أستاذ الاقتصاد بجامعة الإسكندرية الدكتور عبدالرحمن يسري ورقة علمية بعنوان “نحو تحقيق أهداف المصرفية الإسلامية المستدامة” أوضح خلالها أهمية التفريق بين البنوك الإسلامية والمصرفية الإسلامية ، حيث طرح أن الطريق إلى استدامة “حقيقية” للمصرفية الإسلامية له أركان محددة ومنها استمرار نمو التمويل المصرفي الإسلامي المنضبط بضوابط الشريعة والأخلاق الإسلامية دون لجوء إلى أبواب الحيل الشرعية، وأن يكون هذا النمو قائما على الكفاءة والتنافسية في أسواق المال والأعمال، مضيفًا أن السبيل لتحقيق مثل هذه الكفاءة في السنوات المقبلة لن يتم إلا عن طريق الدخول الفعلي والجاد في مجال التمويل المباشر للأعمال في كافة القطاعات طريق المشاركات والمضاربات والمزارعة والمغارسة والمساقاة.
كما تحدث الدكتور ذو الكفل من جامعة العلوم الإسلامية الماليزية بورقة علمية بعنوان “الحوكمة المؤسسية والشرعية في المؤسسات المالية الإسلامية ركن من أركان ضمان ممارسات مستدامة” وأشار فيها إلى أنه من المهم تعزيز الاستدامة في صناعة التمويل الإسلامي من خلال دمج الاستدامة في أعمالهم وعملياتهم، وتظهر الدراسة البحثية أن التمويل الإسلامي لديه إمكانات كبيرة لدعم أجندة الاستدامة بطرق مختلفة، وذلك من خلال النظر في الاتجاه والتطور الأخير للاستدامة في المؤسسات المالية الدولية. كما أضاف أنه يمكن أن تكون حوكمة الشريعة محركًا فعالاً لأجندة الاستدامة في التمويل الإسلامي.
واختتمت الجلسة الرابعة بورقة علمية فدمها عضو الأمانة العامة لمجلس الخدمات المالية الإسلامية الدكتور أحمد مختار بعنوان “السلطات الرقابية والهيئات الاشرافية ومؤسسات إصدار المعايير ودورها في تمكين الاستدامة” أكد فيها أنه‏ لا يمكن إنكار أن قضايا الاستدامة والمخاطر المناخية قد أصبحت موضوعًا رئيسيًا للاهتمام في وضع المعايير المالية والقواعد التنظيمية، وزيادة الوعي بالتهديدات التي يشكلها تغير المناخ على الحضارة البشرية بأكملها.
‏وأضاف أن هناك جهدًا إضافيًا يجب أن تقوم به الصناعة لتكون على قدم المساواة مع نظيرها التقليدي.
استعرضت الجلسة الخامسة لمنتدى البركة 43 للاقتصاد الإسلامي الذي انطلقت أعماله في جامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز بالمدينة المنورة “مشروعات ومبادرات الاستدامة: نماذج عالمية”، وترأس الجلسة د. سيد ناظم علي “مدير مركز الاقتصاد والتمويل الإسلامي في جامعة حمد بن خليفة”، حيث تناولت أربع أوراق عمل، شارك فيها الأستاذ شارجيل أحمد “مؤسس مشارك cykube,UK” من خلال ورقته “الاستدامة في الخدمات، نموذج B.Corporation” أبرز خلالها أهمية تلبية متطلبات المسؤولية المجتمعية والبيئية، واحترام معايير الحوكمة والشفافية تجاه المجتمع.
كما نوه أستاذ التمويل بجامعة كاردييف متروبوليتان د. عاصف زمان في ورقته “الاستدامة في القطاع الزراعي نموذج Fair-Trade” بصدارة المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي وأخذهم بزمام مبادرات الاستدامة من خلال تبني التنكولوجيا وتقليل الاعتماد على الاستيراد الزراعي من خلال التقليل التدريجي لاستيراد الحبوب.
وفي الورقة العلمية الثالثة: “التمويل الصغير والمتناهي الصغر من أهم مرتكزات الاستدامة” ذكر الأستاذ باسل رحمي، الرئيس التنفيذي لجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر في مصر، أن هذا النوع من المشروعات تبلغ نسبته العالمية 95٪ كونه المكافح الأول للبطالة والأكثر صموداً مع التقلبات الاقتصادية المتعددة، مشيراً إلى أنها في مصر لا تمثل أكثر 43٪ من الناتج المحلي، وهي نسبة ضئيلة أمام دول أخرى كإيطاليا التي وصلت 95٪، هذه المشروعات كفيلة بتقليل الأعباء الاقتصادية المتعددة والمساهمة، منوهاً بالتقدم التقني المذهل للمملكة العربية السعودية، خصوصاً في مجالات التطبيقات الخدمية وهو ذات الاتجاه الذي تسعى مصر للحاق به، مستعرضاً جانباً من جهود دولته في تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر حيث تم وضع تعريفات موحدة وأسس مبسطة للمعاملة الضريبية وتيسير الإجراءات، وكذلك تسهيل إتاحة التمويلات وتوفيق أوضاع المشروعات العاملة، ووضع حوافز للمشروعات المتميزة، مستعرضاً أمثلة لأنواع التمويل للمشروعات الصغيرة وآلياتها.
في حين ناقش عضو مجلس الإدارة لصندوق طابونج حاجي الماليزي د. أشرف هاشم في الورقة العملية الرابعة “صندوق طابونج حاجي الماليزي ودوره في تحقيق الاستدامة”، متناولاً التحديات والمخاطر وكيفية التخفيف من حدتها ورحلة النجاح، مشيراً إلى أن الصندوق من أوائل المؤسسات الإسلامية التي كانت تتلقى الإيداعات وتعطي عوائد محدودة، وذلك في الستينيات من القرن الماضي، متحدثاً عن طريقة إدارة الأموال ونجاحاتهم، وكذلك مهام الصندوق والاهتمام بجودة الاستثمار، لعدم وجود حملة أسهم له فإدارته موكلة عن جميع المودعين، مضيفاً “لا نأخذ إلا كلفة الاستثمار وهي لا تتجاوز 1٪ من قيمة الوديعة وهي نسبة معقولة، وكل مبالغ ربح تضاف تلقائياً للمودع، بل يستطيع المودع أن يودع أمواله ويستعيدها بعد ساعة لو أراد وهذا غير متحقق في بقية البنوك والمؤسسات الاستثمارية”.
ولفت إلى أن عدم التوافق بين التوقعات العالية للمودعين والأرباح المتوقعة هي أبرز العقبات والتي تم تذليلها من خلال منح حافز للمودعين، ولكن كلفته العالية بعد سنوات عدة دفعتهم لاجتزاء المبلغ من الأرباح، كما استعرض جملة من المشاركات الاستثمارية للصندوق، وذلك في قطاعات العقارات والخدمات المالية وتكنولوجيا المعلومات وكذلك المشروعات البحرية، مؤكداً أن أهم أطر العمل قائمة على النزاهة كون المؤسسة غير ربحية وتسعى لتطبق الاستدامة تعتمد كل مبانيها ومنشآتها على الطاقة النظيفة من طاقة شمسية وغيرها، فصحة البيئة والحوكمة الاجتماعية في مقدمة الاهتمامات.

Comments are disabled.