متطلبات الأمثلية الاقتصادية في الإسلام “الإنتاج والاستهلاك”

بقلم الأستاذ الدكتور/مجدي علي غيث
أستاذ الاقتصاد والمصارف الإسلامية / الجامعة الأردنية

يحقق النظام الاقتصادي الإسلامي بمجمل أحكامه الشرعية، وبناءه الاعتقادي، والتشريعي، والقيمي الأمثلية؛ لتحقق أركانها الأساسية، وتتجلى الأمثلية في الاقتصاد الإسلامي وتميزها من خلال تتبع لأحكام الضوابط الشرعية للسلوك الاقتصادي في كافة المجالات والانشطة الاقتصادية خاصة في مجالي الانتاج والاستهلاك وبناء عليه سيتم بيان الوضع الاقتصادي الأمثل في الإسلام من خلال مناقشة ودراسة متطلباته الأساسية وهي:

  • الفرع الأول: متطلبات الاستهلاك لتحقيق الوضع الأمثل.
    الفرع الثاني: متطلبات الإنتاج لتحقيق الوضع الأمثل.

الفرع الأول: متطلبات الاستهلاك لتحقيق الوضع الأمثل.

متطلبات الاستهلاك في الإسلام منبثقة من تعاليمه؛ فالمستهلك المسلم يختلف عن غيره في سلوكه الاستهلاكي، فغير المسلم يعيش لدنياه حيث يقتصر اهتمامه على مستوى معيشته الحاضرة، وقد قامت أساليب دراسة سلوك المستهلك في الفكر الرأسمالي-كما سبق بيانه- على أساس الرشد مع غياب للبعد الأخروي أو الأخلاقي؛ فالمستهلك حر في تحديد رغباته من السلع والخدمات التي تشبعها، رغباتٌ مطلقة مجردة عن أي اعتبارات قيمية فيكفي أن يخصص لهذه الرغبة الدخل اللازم حتى يتحول إلى طلب استهلاكي وبالتالي فإن رفاهيته دالة لكمية الاستهلاك(1).
وإذا ما انتقلنا إلى موضوع الرشد فإن الاقتصاد الإسلامي لا يلغيه كافتراض نظري ذو أهمية في التحليل الاقتصادي، لكنه يخضعه للبعد الديني العقدي؛ وبناءً على ذلك لا يمكن القول بمبدأ رشد المستهلك-كما في النظام الرأسمالي_؛ لأن سلوكه قابل للانحراف تحت تأثير المغريات والمؤثرات، فقد تكون قراراته غير رشيدة. خاصة فيما يتعلق بالسلع الضارة، وتضليله بالدعاية والإعلان، إضافة لجهله الصفات التكنولوجية، وعدم العقلانية في الاختيار الفردي والمتمثل في تفضيل المنفعة والاستهلاك الحالي على المنفعة والاستهلاك المستقبلي حتى لو كان الأخير مؤكد الحدوث(2). وقد يفضل مكاسب قصيرة الأجل على أهدافه البعيدة. وبالتالي فإن الحكومة مدعوة للتدخل؛ لإعادة تصحيح تفضيلات المستهلك من الطيش والجنوح ومن الإضرار بالآخرين(3). وتدخل الدولة في الحياة الاقتصادية لتصحيح سلوكه مبرر اجتماعيٌ إذن؛ لضمان الصالح العام من التصرفات الفردية الطائشة وفيه انتهاك لمبدأ اليد الخفية التي تدَّعي أن الاقتصاد يصحح نفسه بنفسه، وانتهاك لمبدأ سيادة المستهلك. بل على العكس قد يكون سعي الأفراد لمصالحهم مضرا بالآخرين وبالصالح العام، ومؤثرا بذلك على الكفاءة الاقتصادية التي تسعى المجتمعات إلى تحقيقها.
والمستهلك المسلم الرشيد لا بد من موجهات لسلوكه الاستهلاكي، وضوابط شرعية تشكل في مجملها متطلبات لتحقيق الوضع الاقتصادي الأمثل، ويمكن اجمالها كالآتي:

  1. الاعتدال والتوسط في الاستهلاك: قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا﴾ [الفرقان:67] وقال تعالى: ﴿ وَلَاتَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا﴾ [الإسراء:29] ووجه الدلالة من الآيتين السابقتين في أن التوسط في الإنفاق هو مقصود الشرع؛ إذ بغير ذلك يعني أحد أمرين. إما التضييق على النفس والأهل؛ بالبخل، أو بسط اليد وتوسعها في الإنفاق الذي لا تدعو الحاجة إليه. وهذا وذاك إفراط وتفريط منهيٌ عنه بنص الآية، ويخالف مبدأ التوسط والاقتصاد والمعيشة(4). وبذلك فإن التوسط له الأثر الواضح على استخدام الموارد الاستخدام الأمثل.
  2. تحريم استهلاك السلع والخدمات الضارة وغير النافعة، والالتزام بالاستهلاك من دائرة الطيبات. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾[البقرة:172]. فالاستهلاك الضار يؤثر على الفرد نفسه وعلى المجتمع ككل (المصلحة العامة)، والفرد لا ينبغي له أن يبدد المصلحة العامة في سبيل مصلحته الخاصة فمصلحة المجتمع هي الأساس في تفاعل قوى العرض والطلب وليس سيادة سلوك المستهلك على إطلاقه(5).
  3. ضرورة تحديد أولويات الإنفاق من خلال:
    • إنفاق المستهلك المسلم المال على مصلحته الخاصة ومن يعول ومصالح المجتمع. قال صلى الله عليه وسلم: “ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلأَهْلِكَ ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِكَ ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ ذِي قَرَابَتِكَ شَيْءٌ فَهَكَذَا وَهَكَذَا ” ، يَقُولُ : فَبَيْنَ يَدَيْكَ وَعَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ شِمَالِكَ”(6)، فالإنفاق الاستهلاكي بالحد الذي يؤمن للفرد كامل طاقاته وطاقات من يعول أو ما يعرف بالحد الأدنى لمستوى الكفاية(7)، وما زاد عن الحد الأدنى مباح؛ شريطة عدم الإسراف والتبذير.
    • إنفاق المال بأن لا يخل بنظام ترتيب الحاجات وأولويات وإشباعها؛ حتى لا يفوت مصلحة أعلى بمصلحة أدنى. فمقاصد الشريعة الإسلامية الخمس هي: حفظ الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال، وفي كل مقصد من هذه المقاصد تأتي الحاجات مرتبة إلى: ضروريات، حاجيات، تحسينيات(8). وبالتالي “يتعين على المستهلك المسلم عدم الإخلال بنظام الترتيب في الأهمية وفقا لمجالات الإنفاق المختلفة”(9)، والقاعدة في ذلك: “لا يراعى تحسيني إذا كان في مراعاته إخلال بحاجي، ولا يراعى حاجي إذا كان في مراعاته إخلال بضروري”(10)، وإذا ما غاب هذا الترتيب وخضع الاستهلاك للرغبة ولتأثير الاستهلاك التفاخري والمظهري؛ فتضطرب تفضيلات المستهلك المسلم فيستهلك الكماليات على حساب الحاجيات والضروريات له ولمن يعول(11). والتزامه بهذا الترتيب ينعكس على تحقق الكفاءة الفنية؛ فالإنتاج يتبع الاستهلاك بذلك مما يؤدي للإنتاج وفقًا للتفضيل الاجتماعي.
  4. الانفاق في حدود الدخل المتاح(12): يسعى المستهلك المسلم في إشباع حاجاته وتحقيق المنفعة المطلوبة في حدود دخله المتاح في ضوء الأسعار الخاصة بالسلع ودخله وذوقه، فإنه ينفق دخله لتحقيق أعلى منفعة ممكنة مع المحافظة على دينه من الخلل، وأن يدور مع الواجب حيث كان، ويبتعد عن النواهي حيث كانت، فالمنفعة إذن هي الخير الذي يحققه المسلم من جراء استهلاكه(13).

وينبغي التأكيد أن الاقتصاد الإسلامي ينظر إلى العلاقة بين الدخل المتاح والاستهلاك على أنها علاقة طردية –دالة المستهلك المسلم- كما في الاقتصاد الوضعي-(14)، يقول تعالى: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ ۖ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّه﴾ [الطلاق:7]. ويقول صلى الله علية وسلم: “إنَّ الله يُحِبُّ أَن يَرَى آثَارَ نِعمَتِه على عَبدِه”(15). وتؤكد ضوابط الشريعة الإسلامية -السابق ذكرها- أن الإنفاق الاستهلاكي في علاقته مع الدخل المتاح يتوقف بعدم مجاوزة الحد بالإسراف المحرم أو تدنية الانفاق بالتقتير المحرم(16).
وليس الإنفاق على الاستهلاك وحده هو الذي يحقق المنفعة للمنفق بل هناك منفعة من نوع آخر، وهي الجزاء الأخروي نتيجة الإنفاق الخيري على الآخرين(17)، مما يزيد من رفاهيته لا لأنه أنفق على نفسه بل لأنه ضحى بالإنفاق على نفسه طمعاً بأجر أخروي من الله، قال تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة :261].
نخلص مما سبق أن دالة الانفاق الاستهلاكي للمسلم تتحدد معالمها بإنفاق دخله المتاح على منفعته الخاصة بعيداً عن الإسراف وفي دائرة الطيبات، ويمتد إنفاقه على من يعول، وكل ذلك ضمن ترتيب إشباع الحاجات بتأمين الضروريات أولاً ثم الحاجيات ثم التحسينيات، هذا في ظل المنظومة القيمية نجد بعداً آخر للإنفاق يتمثل بالإنفاق الأُخروي الإيثاري. وبهذا يتضح للباحث الفرق بين سلوك المستهلك المسلم وسلوك غيره؛ فالمستهلك في الاقتصاد التقليدي يسعى إلى تعظيم إشباعه الذي هو إشباع غير منضبط بقيم دينية ولا بتوجيهات وقواعد أخلاقية في سلوكه الاستهلاكي. مع الأخذ بعين الاعتبار أنه في ظل المنظومة القيمية والقواعد الأخلاقية في الاقتصاد الإسلامي، فإن المستهلك المسلم قد لا يسعى إلى تعظيم منفعته، بل قد يتنازل عنها مقابل إسعاد غيره محققًا بذلك أعلى درجات الرشد، وذلك عندما يؤثر غيره على نفسه امتثالاً لخلق الإيثار.

الفرع الثاني: متطلبات الإنتاج لتحقيق الوضع الأمثل.

يعني الإنتاج القدرة على استحداث أو إيجاد منفعة أو إشباع يتوصل إليه من جراء أي نشاط اقتصادي عن طريق العملية الإنتاجية من أرض، وعماله، ورأس مال، وتنظيم، يتم الملائمة بينهم للحصول على تلك المنفعة للإيفاء بالحاجات الإنسانية على اختلافها(18). ولأن الإنتاج يوجد منفعة، ويلبي رغبة نجد الإسلام يربط بين الإنتاج ومصلحة المجتمع كله (المصلحة العامة)؛ حيث يقرر أن الإنتاج من الفروض الكفائية، فلا يصح أن توجد أمة إسلامية تخلو من المرافق الإنتاجية حسبما تقتضيه الظروف الاقتصادية(19)، يقول ابن تيمية في ذلك: “أَنَّ هَذِهِ الصِّنَاعَاتِ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ؛ فَإِنَّهُ لَا تَتِمُّ مَصْلَحَةُ النَّاسِ إلَّا بِهَا”(20).
وقد أشار الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أهمية الإنتاج وضرورة استغلال عنصر الأرض وموارده الطبيعية، وعدم تعطيلها بقوله صلى الله عليه وسلم: “من أحيا – أو عمر أو أعمر-أرضاً ليست لأحد، فهو أحق بها(21)“، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “فمن أحيا أرضا ميتة(22) فهي له، وليس لمحتجر حق بعد ثلاث سنين”(23). والاحتجار يعني: حبس الأرض وتعطيلها عن تأدية منافعها لعدم الاستغلال(24).
ومما يدل على حرص الإسلام واهتمامه بالإنتاج والقطاع الإنتاجي والنهوض به، ولو كان محالا قبيل الساعة قوله صلى الله عليه وسلم: “إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا”(25).
وحتى يتحقق الوضع الاقتصادي الأمثل في النشاط الإنتاجي لا بد من متطلبات أساسية كالآتي:

  1. استخدام الموارد استخداماً أمثلاً: الاستخدام الأمثل للموارد يتحقق بأكبر قدر ممكن وبأقل تكلفة ممكنة(26)، فالمنتج المسلم مطالب بالسعي للاستفادة من الموارد التي خلقها الله تعالى؛ لقوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾[الملك:15] ولا بد من استخدام هذه الموارد كما أراد الله تعالى، وعدم مقابلتها بالإسراف والتبذير؛ فسلوك المنتج في الاقتصاد الإسلامي منضبط بالاستخدام الأمثل للموارد التزامًا بالأوامر والقواعد الشرعية.
  2. ترتيب موارد الإنتاج في القطاعات الاقتصادية حسب أهميتها وإلحاحها، مما ينشأ عنه توجيه حاجات الاستهلاك حسب أولوية المصالح؛ فتوظف الموارد لتفي بحاجات المجتمع الاستهلاكية من السلع الضرورية أولاً(27)، ذلك أن “تكاليف الشريعة ترجع إلى حفظ مقاصدها من الخلق، وهذه المقاصد إحداها أن تكون ضرورية، والثاني أن تكون حاجية، والثالث أن تكون تحسينية”(28)، ويلاحظ أن الشريعة ضمنت الاستخدام الأمثل للموارد بما يحقق الكفاءة من خلال: توفر الضمانات الكافية لتوجيه السلوك الإنتاجي وفقًا للأولويات، وتوجيه النشاط الاستهلاكي وفقًا لذلك أيضًا.
  3. ضرورة التحلي بفضائل الأخلاق، يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِين﴾ [التوبة: 119]. فالأخلاق الإسلامية (اليد الأخلاقية) ترسم السلوك المثالي للمجتمع المسلم في سلوكه، وتحفزه على مزيد من الإنتاج، مما يجعله متميزا عن غيره في معاملاته ونشاطاته الإنتاجية، وتزداد حصته في السوق، ويرافق ذلك اتساع في قاعدة المشاريع الإنتاجية وتطورها؛ لتلبية الطلب المتزايد على المنتجات. ولا بد للمنتج المسلم من الابتعاد عن المعاملات غير الشرعية: كالاحتكار، والغش، والرشوة(29)، والالتزام بدائرة الحلال. مما يدفع بالموارد نحو أكفأ استخدام محققًا المنتج بذلك الكفاءة التخصيصية.
  4. الالتزام بإتقان العمل وتحسينه وربطه بالأجر، والالتزام بالأحكام التي تدعو إلى الأمانة وعدم الغش: حيث دعا الإسلام إلى اتقان العمل وتحسينه، وربطه بالأجر والثواب، فقال صلى الله عليه وسلم: “إن الله يحب أذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه”(30) مما ينعكس بشكل مباشر على الأداء الاقتصادي وتحقيق الكفاءة الإنتاجية بتوفير أكبر قدر ممكن من الناتج(31)، ويؤدي أيضا إلى خفض تكاليف الإنتاج للسلع، وتوفيرها بأقل الأسعار وبجودة عالية(32).
  5. الالتزام بالضوابط الشرعية التي تدعو إلى حشد وتعبئة الموارد البشرية(33)؛ بوجوب العمل والنهي عن التعطل، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾[الملك :15]، وحشد الموارد الطبيعية كما في الدعوة إلى إحياء الأرض الموات. وحشد الموارد المالية التي تدفع المال إلى ميادين الإنتاج بدلا من أن تبقى عاطلة؛ كالنهي عن إضاعة المال، وضرورة تثميره، ووجوب الزكاة، وتحريم الربا، والنهي عن الاكتناز، وتشريع المضاربة والمشاركات(34).

وعند التمعن في الضوابط السابقة لسلوك المنتج المسلم نجد أنها جاءت لتحقيق المصلحة العامة في إطار المسؤولية الاجتماعية، والتركيز في مبدأ الكفاءة والإنتاج الأمثل المتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية التي تسهم في تحقيق الكفاءة الإنتاجية بتوفير أكبر ناتج ممكن، والكفاءة التخصيصية بتخصيص موارد المجتمع لإنتاج ما يشبع حاجات الأفراد الحقيقية. ويمتد إلى تحقيق النمو الاقتصادي؛ باعتبار الإنتاج عملية مستمرة، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي -باعتباره من الأهداف الاقتصادية-للالتزام بأولويات الإنتاج في الضروريات والأحكام والقيم التي تحقق أكبر ناتج، وتشريع الزكاة، وتحريم الربا وتشريع المضاربة والمشاركات(35).

(1) دنيا، شوقي، النظرية الاقتصادية من منظور إسلامي، ص84.
(2) الحمصي، الكفاءة والعدالة في الاقتصاد الإسلامي، ص40.
(3) السبهاني، عبد الجبار الأسعار وتخصيص الموارد في الإسلام، ص109.
(4)القرطبي، محمد أبو عبد الله، الجامع لأحكام القرآن، ص250.
(5)عفر، محمد، النظام الاقتصادي الإسلامي، ص157.
(6) مسلم صحيح مسلم، كتاب الزكاة، باب الابتداء في النفقة بالنفس ثم أهله ثم القرابة رقم (997) .
(7) للتفصل حول موضوع الكفاية أنظر الكبيسي، أحمد. الحاجات الاقتصادية في المذهب الاقتصادي الإسلامي، ص220 وما بعدها.
(8) الشاطبي، ابراهيم، الموافقات في أصول الشريعة، ج2، ص9.
(9) عفر، محمد، التحليل الاقتصادي الجزئي، ص136.
(10) خلاف، عبد الوهاب، علم أصول الفقه، ص197.
(11) العواودة، يوسف، تفوقية المذهب الاقتصادي الإسلامي، ص51.
(12) الدخل المتاح: الدخل الذي يمكن للأفراد التصرف به وفقا لإرادتهم استهلاكا أو ادخارا، ويتوصل إليه رياضيا عن طريق ضم الدخول التي يكتسبها مقابل المشاركة بالعملية الإنتاجية مع الدخول التي يتسلمها كمدفوعات تحويلية مطروحا منها الضرائب المباشرة. انظر صقر، أحمد صقر، النظرية الاقتصادية الكلية، ص156.
(13) عفر، محمد، التحليل الاقتصادي الجزئي، ص122
(14) العواودة، يوسف، تفوقية المذهب الاقتصادي الإسلامي، ص80
(15) مالك بن أنس، موطأ الإمام مالك، بيروت، دار إحياء التراث، 1985، كتاب اللباس، حديث3، ج2، ص911.
(16) الكبيسي، أحمد، الحاجات الاقتصادية في المذهب الاقتصادي الإسلامي، ص236.
(17)العواودة، تفوقية المذهب الاقتصادي الإسلامي، ص47.
(18) محجوب، رفعت، 1973، الاقتصاد السياسي، ص263.
(19) ابن قيم الجوزية، الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، ص247.
(20) ابن تيمية، الحسبة في الإسلام أو وظيفة الحكومة الإسلامية، ص24
(21) البخاري، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم (ت 256ه‍/869م)، صحيح البخاري، مطبوعات محمد علي صبيح، القاهرة، د. ت، ج3، ص132.
(22) الأرض الموات: “الأرض المعطلة، ولا يعرف أنها في يد أحد، ولا ان أحداً يدّعي فيها دعوى” أبو يوسف، يعقوب بن إبراهيم، الخراج، ص184.
(23) أبو يوسف، يعقوب بن إبراهيم، الخراج، ص183
(24) انظر: المعنى اللغوي عند الفيروز آبادي محيي الدين أبو طاهر يعقوب، القاموس المحيط، القاهرة، ج2، ص255.
(25) الهيثمي، نور الدين أبو الحسين، مجمع الزوائد، ومنبع الفوائد، ج4، ص63. وقال رواه البزاز ورجاله ثقات، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، ج1، ص11، رقم(9).
(26) شابرا، محمد، نحو نظام نقدي عادل، ص111.
(27) أبو شريعة، أحمد، أثر الترشيد في الاقتصاد الإسلامي، ص57.
(28) الشاطبي، ابراهيم، الموافقات في أصول الشريعة، ج2، ص8.
(29) الضيافلة، عماد، سلوك المنتج في الاقتصاد الإسلامي، ص51.
(30) الألباني، محمد ناصر، صحيح الجامع الصغير وزيادته، ج1، ص393، رقم(118)، وقال حديث حسن.
(31) العواودة، يوسف، تفوقية المذهب الاقتصادي الإسلامي، ص179.
(32) عبد الرسول، علي، المبادئ الاقتصادية في الإسلام، ص33.
(33) العواودة، يوسف، تفوقية المذهب الاقتصادي الإسلامي، ص179.
(34) العواودة، يوسف، تفوقية المذهب الاقتصادي الإسلامي، ص127.
(35) لمزيد من التوسع في كيفية مساهمة ضوابط الإنتاج والاستهلاك في تحقيق النمو الاقتصادي والاستقرار الاقتصادي. انظر العواودة، يوسف، تفوقية المذهب الاقتصادي الإسلامي، ص180-183.

Comments are disabled.